كتب سواليف سرير بروكرست: مقصلة الاختلاف..اخبار عربية عبر موقع نبض الجديد - شاهد كان الغريب مسافرًا إلى أثينا، ممتطيًا حصانه المتعب، يجفل كلما سمع همهمة غريبة أو عواءً يدوّي في البعد. وحين هبط عليه الليل وهاجمته أمواج العتمة، ظل سائرًا في طريقه، تعصف الريح من حوله وتصرخ العاصفة. رفّت أجنحة الشياطين في الخفاء، وتغلغل المطر في... , نشر في الأحد 2025/03/16 الساعة 10:46 ص بتوقيت مكة المكرمة التفاصيل ومشاهدتها الان .
كان الغريب مسافرًا إلى أثينا، ممتطيًا حصانه المتعب، يجفل كلما سمع همهمة غريبة أو عواءً يدوّي في البعد. وحين هبط عليه الليل وهاجمته أمواج العتمة، ظل سائرًا في طريقه، تعصف الريح من حوله وتصرخ العاصفة. رفّت أجنحة الشياطين في الخفاء، وتغلغل المطر في ثيابه حتى أثقلها. كان يرتعش بردًا وخوفًا، حتى لاحت في الأفق نار متقدة.توجّه إليها، وكلما اقترب سمع صخب الأدوات. كانت ورشة حداد تقع بالقرب من الطريق الرئيس، لكن كان يفصل بينها وبين المسار الرئيسي ساحة تتناثر فيها الحجارة، وتنتشر فيها أشجار الزيتون، مُلقيةً بظلالها على المكان، مما يضفي عليه رهبة غامضة.في الداخل، وقف رجل ضخم يشعّ حوله وهج النار المتقدة في فرن حديدي ضخم. كان طويل القامة، مفتول العضلات، بهيئة تذكّر ببوسيدون، إله البحر. كان يهوى بمطرقته على قطعة حديد، فتتطاير الشرارات مع كل ضربة. لم يُبدِ دهشة عند رؤية الغريب، بل بدا كأنه في انتظاره. ألقى بمطرقته جانبًا، وأقبل نحوه. في عينيه بريق مكر غامض، بينما تلاطمت في نفس الغريب مشاعر الخوف والرجاء.رحب به، هدأ من روعه، ودعاه إلى منزله حيث مائدته الفاخرة. قدم له الطعام والفاكهة والمشروبات. أكل حتى امتلأ وشرب حتى كاد يفقد وعيه، ثم ترنح وهو يكاد يغلبه النعاس .هنا دعاه الحداد إلى سريره الفريد، الذي يتكيف مع جسد النائم. سار الغريب مع مضيفه إلى غرفته الخفية، واستلقى على السرير الضخم. لم يصل طول الرجل إلى حده الأقصى، فانزلقت قطعة من السرير، فتشابك جسده فيها، وأصبح عالقًا. غمرته الدهشة أولًا، ثم البلاهة، وأخيرًا الرعب، عندما بدأ الحداد في سحب أطراف الغريب لتتكيف مع السرير. كان الحداد يسحب الأطراف واحدة تلو الأخرى، ويصرخ الغريب متألمًا، وأوصاله تتقطع، تكسرت مفاصله، وكأن جسده يُمَزّق قطعًا، وانتهت حياة أحد الضحايا على سرير بروكرست.كان هذا السرير، الذي صنعه بروكرست، لا يعد مجرد أداة للراحة أو الاسترخاء، بل كان مقصلة للاختلاف، تفرض على من ينام عليه أن يتكيف مع ‘المعيار الصحيح”. حيث يُبتر طرفي الطويل ويُمدد القصير. كان بروكرست يعتبر ذلك واجبًا مقدسًا: أن العدل لا يتحقق إلا بتسوية الجميع، حتى وإن كان ذلك يعني تدميرهم في سبيل التماثلاستمر بروكرست في ممارسة طقوسه حتى جاء اليوم الذي استضاف فيه ثيسيوس، المحارب الذي لم يكن مجرد زائر عابر، بل كان قدره المحتوم. لم يكن ثيسيوس مجرد مقاتل، بل كان رجلاً يرى في مضيفه انعكاسًا مشوّهًا لكل نظام يدّعي العدل، لكنه في الواقع يقضي على كل ما يجعل البشر أحياء. وعندما أُجبر بروكرست على الاستلقاء على سريره، لم يكن موته مجرد عقاب، بل كان لحظة كشف حقيقته: أن السرير الذي صنعه لم يكن أداة للعدالة، بل فخًا نصبّه لنفسه.لا تزال روح بروكرست حاضرة في كل محاولة لفرض مقاييس قسرية على الآخرين، حتى لو كان ذلك يعني تشويه حقيقتهم أو كبح أصواتهم. إنه حاضر في كل نظام يقيس الأفراد بمعيار واحد، وفي كل مجتمع يرفض الاختلاف باسم الانسجام، وفي كل عقل يختزل الحقيقة في قالب جامد.لم يكن سرير بروكرست مجرد قطعة أثاث في أسطورة قديمة، بل أصبح أداة ذهنية وفكرية تُستخدم لقمع الاختلاف عبر العصور. فالأنظمة التي تسعى لفرض الانسجام القسري تبتكر مقاصل فكرية خاصة بها، تقطع بها أطراف الحقيقة أو تمدها لتتناسب مع معاييرها. في القرن العشرين، لم يكن الاتحاد السوفيتي استثناءً، حيث أصبح ‘سرير بروكرست’ أداة سياسية تصوغ العقول بالقوة، حتى وإن أدى ذلك إلى سحق أكثر مؤيديها إخلاصًا.عندما صرخ مايكوفسكي: ‘من ليس معنا فهو ضدنا’، وعندما تم تصنيف كل معارض ب
المزيد من التفاصيل من المصدر - (اضغط هنا)
كانت هذه تفاصيل سرير بروكرست: مقصلة الاختلاف نرجوا بأن نكون قد وفقنا بإعطائك التفاصيل والمعلومات الكامله .
كما تَجْدَرُ الأشارة بأن الموضوع الأصلي قد تم نشرة ومتواجد على سواليف وقد قام فريق التحرير في نبض الجديد بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر او الموضوع من مصدره الاساسي. -
تابع نبض الجديد على :