كتب الشروق أونلاين نزلاء دور العجزة.. عيون تُبصر الحاضر وقلوب مُبحرة في الماضي..اخبار عربية عبر موقع نبض الجديد - شاهد حضرت “الشروق” إفطارا جماعيا، ليس كغيره، كيف لا وقد نظم بين جدران مؤسسة، روادها من العجزة الذين تقطعت بهم السبل، وانصرمت روابطهم بأسرهم فلم يجد المأوى والمعيل. وفقدوا الطريق الاجتماعي العائلي، أو فقدهم، فوجدوا دار المسنين في أم البواقي، تحتضنهم... , نشر في الثلاثاء 2025/03/18 الساعة 05:13 م بتوقيت مكة المكرمة التفاصيل ومشاهدتها الان .
حضرت “الشروق” إفطارا جماعيا، ليس كغيره، كيف لا وقد نظم بين جدران مؤسسة، روادها من العجزة الذين تقطعت بهم السبل، وانصرمت روابطهم بأسرهم فلم يجد المأوى والمعيل. وفقدوا الطريق الاجتماعي العائلي، أو فقدهم، فوجدوا دار المسنين في أم البواقي، تحتضنهم وتحاول أن تعوضهم بعض ما فقدوه من أحباب وحتى إخوة وأبناء ومن صحة وشباب، لن يعود ولن يتمكنوا من إخبارهم بما فعل بهم المشيب.. فقط عيون تتجول في المكان وبالتأكيد في الزمان، وتحاول أن ترسم الابتسامات، “وما في القلب في القلب”.
لقاء الجد والحفيد
دخلنا دار الأشخاص المسنين بأم البواقي، قبل موعد الإفطار بنصف ساعة، وفضلت المؤسسة أن تُشرك في المناسبة العشرات من الأطفال والبنات اليتامى، فكانت الصورة أشبه بجدّ وحفيد، فالتقى ابن عشر السنوات الذي فقد أمه أو والده مع ابن الثمانين الذي فقد أيضا ابنه بعدما فرّط فيه، وكان لوجود عدد من الجمعيات والمتطوعين علامة فارقة، كل يريد الخدمة والخدمة فقط، حتى إن الكثير من المتطوعين والمتطوعات الذين جاؤوا لخدمة المسنين والعجزة، هربوا من الكاميرات، ولسان حالهم، ما أفعله في سبيل الله وخدمة لآبائنا وأمهاتنا، لا أريد منه صورا ولا شكورا.
الإفطار الجماعي أشرفت عليه مديرية النشاط الاجتماعي والتضامن، وفضلت أن تقدم فيه وجبات تزيد في تنوعها وجودتها وتنوعها ما بين التقليدي والعصري، ما لا يمكن أن نراه في أكبر الأعراس، وفي أفخم الفنادق، فقط لأجل العجزة واليتامى. “كيف الأحوال”؟ سؤال طرحناه على شيخ ينحدر من إحدى مشاتي ولاية أم البواقي، يبدو أنه تجاوز الثمانين وهو لا يدري، أو غير مبال بتقدمه في السن، فردّ بسرعة: “الحمد لله”، وأضاف: “أنا في بيتي.. ومن كان في بيته فهو سعيد”.
سألناه عن الجو الرمضاني في دار المسنين وعن أحواله مع الصيام ووضعه الصحي، فحاول فرملة دمعة كانت تريد أن تجيب عن سؤالنا وقال: “تمنيت أن أكون في بيتي.. لكن، الله غالب”، ثم سارع لنقل تعابير وجهه من الكآبة إلى المرح، بالحديث عن عمال الدار الذين لا يتركون له طلبا إلا حققوه، هو يعرفهم بأسمائهم بل يعرف تفاصيل من حياتهم.. “صدقني.. إنهم يحكون لي كل ما يعيشونه، أنا عندهم بمنزلة الجد”.
دعاء لفلسطين
أعمار المسنين والمسنات كانت ما بين السبعين والثمانين، يكاد عدد النساء يساوي عدد الرجال، وما إن رُفع الأذان حتى ترك جميعهم من دون استثناء مقعده وطاولة الإفطار وتوجهوا يهرولون برغم ثقل السنين، لتأدية صلاة المغرب، وكل يحمل قارورة ماء صغيرة، أو حبة تمر أو إصبعا من الزلابية. وبعد العودة، قالت عجوز كانت السنون تثقل حركتها: “أتمنى أن تكون شربة اليوم مثل شربة أمس التي كانت لذيذة للغاية”.
ثم نظرت إلى الطاولة فوجدت بدل الطبق والطبقين، أطباقا متعددة، فأبصرت طبق التريدة القسنطينية، فنسيت الشربة نهائيا، وراحت تأكل التريدة بشهية، وتروي لصديقتها وهي في نفس سنها التي قاربت الثمانين كيف كانت والدتها في زمن ماض تشتهيه، ولا تستطيع إليه سبيلا، خاصة في زمن الاستعمار والسنوات الأولى الصعبة في زمن الاستقلال.
العجوز التي يبدو أن الزمن قد منحها من الحِكم الكثير، قالت بنبرة حزينة: “يجب حمد الله على النعمة، لنا إخوة في فلسطين لا يجدون لقمة ولا دفئا ولا سقفا”.. ثم أطلقت دعاء طويلا خفية وتضرعا أنساها ما أحاط بها من أطباق قبل أن تعود إلى صحن التريدة المكتنز باللحم.
من دون أن نسأل كان كل من اقتربنا منه، أو منها يردد نفس الآهة: “افتقدنا الأجواء العائلية التي عشناها حين كنا في أوج الصحة والعافية والشباب، صحيح، لقد وجدنا من يحنّ ويعطف علينا.. ولكن…”، وأمام كل “لكن” كان هذا وتلك يغرقان في التيهان.
“نسخر كل الإمكانات لإسعادهم!”
المدير الولائي للنشاط الاجتماعي والتضامن بأم البواقي، قال للشروق اليومي، بأن إدارة الدار تعمل بكل ما لديها من إمكانات لإسعاد هذه الفئة، التي هي جزء لا يتجزأ منا جميعا، ولا يمكن أن تحسّ يوما بأنها ليست من أولى اهتماماتنا، وتدخلت عاملة في الدار لتكمل: “أنا أسمّي كل نزيل هنا أبي وكل عجوز، أمي”، وقالت لنا بأنها مرة نسيت تقديم الدواء لأمها كما تسميها وهي عجوز مصابة بمرض السكري، فعادت من بيتها الذي يبعد عن الدار أربعين كيلومترا، بواسطة سيارة أجرة ذهابا وإيابا، من أجل البحث عن الدواء أولا ثم تقديمه للعجوز ثانيا، والاطمئنان عليها أخيرا”.
وجبة الإفطار كانت متنوعة تسافر في التقاليد الجزائرية وتأخذ من العصري، وكان الحرص على التنوع من أجل منح المسنين فسحة الاختيار ولم لا التنويع، فقد ضمت شربة فريك أو الجاري كما يسميه نزلاء الدار وكلهم من ولاية أم البواقي بكل مداشرها، وعددهم قارب الأربعين، إضافة إلى البوراك وسلطة متنوعة وطاجين الزيتون وطبق التريدة القسنطينية، واللحم بكل أنواعه من بقري وغنمي ودجاج وطاجين العين أو الحلو، وتنوعت الفاكهة وجمعت كل ما هو موجود في بدايات الربيع من موز وبرتقال وتفاح وفراولة وسلطة الفاكهة.
بدا جمع المسنين والمسنات وكأنهم في بلاط ملكي محاطين بمن يخدمهم ويسهر على راحتهم، هذا يحمل “بوراكة” ويضعه في يد شيخ، وتلك تقشر برتقالة لتقدمها لعجوز.
واكتمل الإفطار وسهرات الحديث والتمني والبوح بفناجين قهوة مدعمة بكثير من الحلويات التقليدية والشرقية، كان فيها كل شيخ أو عجوز يعصر ذاكرته ليتحدث عن طفولته ويحاول أن يتجاوز عثراته التي أوصلته لهذا البيت المليء بالآلام، وأيضا بالآمال.
نهاية صعبة!
من خلال جولتنا في الدار وحديثنا مع المكلف بالإعلام لدى مديرية النشاط الاجتماعي والتضامن، علمنا بوجود مؤطرين نفسانيين ومربين متخصصين وممرضة في الصحة العمومية، جميعهم في خدمة الشيوخ والعجائز، وطبيب المديرية أيضا يشرف على الحالة الصحية للمقيمين، ويمتلك ملفا صحيا لكل واحد منهم، فالأكل الصحي ضروري وقد لاحظناه في وليمة الإفطار، حيث جلس من عانوا من السكري وضغط الدم، في أماكن خاصة ولكنهم كانوا يحظون بنفس الاهتمام من حيث كمية ونوعية الأط
المزيد من التفاصيل من المصدر - (اضغط هنا)
كانت هذه تفاصيل نزلاء دور العجزة.. عيون تُبصر الحاضر وقلوب مُبحرة في الماضي نرجوا بأن نكون قد وفقنا بإعطائك التفاصيل والمعلومات الكامله .
كما تَجْدَرُ الأشارة بأن الموضوع الأصلي قد تم نشرة ومتواجد على الشروق أونلاين وقد قام فريق التحرير في نبض الجديد بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر او الموضوع من مصدره الاساسي. -
تابع نبض الجديد على :