حين تُستغل الجروح القديمة بفن الدراما؟!.. اخبار عربية

نبض البحرين - صحيفة الوطن البحرينية


حين تُستغل الجروح القديمة بفن الدراما؟!


كتب صحيفة الوطن البحرينية حين تُستغل الجروح القديمة بفن الدراما؟!..اخبار عربية عبر موقع نبض الجديد - شاهد حنان الخلفانفي زاوية مظلمة من الذاكرة، هناك جرح لم يندمل، وآهات لم تخفت، وعينان لم تجف دموعهما رغم مرور السنوات. هناك أمٌ مازالت تنام كل ليلة على وسادة مبتلة، تبحث عن وجه طفلها في الفراغ، تحاول أن تتخيل كيف كانت ستكون ضحكته اليوم لو لم يُخطف منه... , نشر في السبت 2025/03/15 الساعة 01:51 ص بتوقيت مكة المكرمة التفاصيل ومشاهدتها الان .

حنان الخلفان

في زاوية مظلمة من الذاكرة، هناك جرح لم يندمل، وآهات لم تخفت، وعينان لم تجف دموعهما رغم مرور السنوات. هناك أمٌ مازالت تنام كل ليلة على وسادة مبتلة، تبحث عن وجه طفلها في الفراغ، تحاول أن تتخيل كيف كانت ستكون ضحكته اليوم لو لم يُخطف منه العمر غدراً. هناك أبٌ يتحاشى نشرات الأخبار كي لا يُجدّد وجعه، وأختٌ تتهرّب من الأسئلة لأن لا إجابة تُطفئ حرقة الفقد.





ثم يأتي مسلسلٌ جديد، يعرض في توقيت الذروة، ويُعيد رسم المشهد بكل تفاصيله القاسية، بكل لحظاته المرعبة، بكل الألم الذي اعتقد الضحايا أنهم دفنوه مع الوقت. يملأ الإعلان الشاشات، تتسرب مشاهد منه عبر وسائل التواصل، تُفتح القضية مجدّداً، وكأن السنين لم تمضِ، وكأن القلب لم يحاول النسيان.

هذه ليست مجرد دراما، هذه إعادة صياغة للمأساة على هيئة مشهد متكرّر، يترقبه المشاهدون بينما يحتسون قهوتهم بعد الإفطار، ويناقشونه بين حلقات المسلسل الأخرى، وكأن القصة ليست عن أطفال خُطفوا، أو أرواحٍ انتهكت بوحشية، أو أم ثكلى تحاول أن تكمل حياتها رغم كل شيء. هل يحق للفن أن يكون قاسياً إلى هذا الحد؟ هل يجوز أن يكون الألم وقوداً لمواسم المشاهدة، دون اعتبارٍ لمن لايزالون يدفعون الثمن الحقيقي؟

لماذا شهر رمضان؟ لماذا يكون الشهر الذي يفترض أن يكون مساحة للطمأنينة، وسيلةً لاستدعاء الكوابيس إلى بيوت الضحايا؟ هل هي صدفة أن يتمّ إنتاج هذه المسلسلات في هذا التوقيت بالذات، أم أن حسابات المشاهدات والإعلانات أقوى من مشاعر الأمهات والآباء الذين لم يجفّ حزنهم بعد؟

نحن لا ننكر أن الدراما وسيلة توثيق، ولا نقلّل من دورها في تسليط الضوء على القضايا الإنسانية، ولكن هناك فرق بين تسليط الضوء وبين تسليط السكين على الجرح المفتوح. بعض القصص ليست مشاهد تُعاد للترفيه، بل ندوب في أرواح الناجين، ونوافذ مفتوحة على ليالٍ من الخوف والرعب والعجز عن نسيان ما لا يُنسى.

كيف يمكن لطفل نجا من اغتصابٍ وحشي أن يشاهد على الشاشة نسخة درامية مما مر به؟ كيف يمكن لأب فقد ابنته على يد قاتل بارد الدم أن يرى الحكاية تُسرد كأنها حبكة سينمائية؟ أي رسالة يريد صنّاع هذه الأعمال إيصالها؟ أن الحياة تستمر؟ أم أن الذكرى يجب أن تبقى حيّة في قلوب من يحاولون النجاة من ماضيهم؟

الدراما الحقيقية ليست في استعادة الألم، بل في إيجاد طريقة لتخفيفه. ليست في تحويل الجريمة إلى قصة مشوقة، بل في منح الضحايا صوتاً يحكي عنهم بإنسانية، لا كجزء من سباق المشاهدات. ليست في أن نُعيد عرض الكوابيس، بل في أن نصنع الأمل، ولو مرة واحدة، بأن الحياة يمكن أن تكون أرحم مما كانت عليه يوماً.

ونحن كمجتمع خليجي محافظ، نستنكر المتاجرة بآلام الناس وإعادة فتح جروح الأمهات اللاتي فقدن أبناءهن بطريقة لا يمكن أن يستوعبها العقل أو يحتمّلها القلب. لا يمكن أن يكون الفن مبرّراً لانتهاك مشاعر الثكالى، ولا أن تصبح المآسي الفردية مادة دسمة تُستهلك على شاشات التلفاز لمجرد تحقيق نسب مشاهدة مرتفعة.

وبصراحة.. ربما يرى البعض في هذا المقال وجهة نظر متشدّدة، لكنني أؤمن أن الألم الإنساني ليس للعرض أو المساومة، وأن هناك خطوطاً لا يجب تجاوزها تحت أي ذريعة. هذا رأيي الشخصي، وللقراء الحكم عليه كيفما يشاؤون، لكنني أكتب من زاوية الضمير الذي لايزال يرى أن بعض القصص يجب أن تبقى حيث تنتمي، فقط في قلوب أصحابها، لا في مشاهد درامية تُعاد وتُكرّر بنشر مآسيهم بطريقة حرفية شكلاً ومضموناً.


اقرأ على الموقع الرسمي

شاهد حين ت ستغل الجروح القديمة بفن

كانت هذه تفاصيل حين تُستغل الجروح القديمة بفن الدراما؟! نتمنى بان نكون قد وفقنا بإعطائك التفاصيل والمعلومات الكامله .

و تَجْدَرُ الأشارة بأن المقال الأصلي قد تم نشرة ومتواجد على صحيفة الوطن البحرينية ونحيطكم علما بان قام فريق التحرير في نبض الجديد بالتاكد منه وربما تم التعديل فيه وربما قد يكون تم النقل بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر او المقال من مصدره الاساسي.

تابع نبض الجديد على :
اخبار عربية اليوم
منذ 3 ساعة و 15 دقيقة


منذ 3 ساعة و 15 دقيقة