التقدم وتركة التنوير.. والاحتجاجية الراهنة.. اخبار عربية

نبض الإمارات - جريدة الاتحاد


التقدم وتركة التنوير.. والاحتجاجية الراهنة


كتب جريدة الاتحاد التقدم وتركة التنوير.. والاحتجاجية الراهنة..اخبار عربية عبر موقع نبض الجديد - شاهد في سياق الموجة المحافظة الجديدة التي تعرفها راهناً الولايات المتحدة، نقرأ التمييز الذي يقدمه نجم التقنيات المستقبلية الأميركي إيلون ماسك بين ما يسميه التقدم الذي يحصره في حركية الإبداع العلمي والتكنولوجي، وبين laquo;الأيديولوجيا التقدمية raquo;... , نشر في الأحد 2025/03/16 الساعة 10:56 م بتوقيت مكة المكرمة التفاصيل ومشاهدتها الان .

في سياق الموجة المحافظة الجديدة التي تعرفها راهناً الولايات المتحدة، نقرأ التمييز الذي يقدمه نجم التقنيات المستقبلية الأميركي إيلون ماسك بين ما يسميه التقدم الذي يحصره في حركية الإبداع العلمي والتكنولوجي، وبين «الأيديولوجيا التقدمية» التي ترتبط لديه بأفكار اليسار «العدمية» التي تستهدف بالهدم والنسف قيمَ الأسرة والدين والهوية الاجتماعية.لهذا التمييز جذور نظرية وفكرية قديمة، تعود إلى عصر الأنوار ذاته، والذي ارتكز على مثال «التقدم». ولا ننسى أن أحد أهم فلاسفة التنوير، وهو جان جاك روسو، اعتبر أن الوضع الأخلاقي المثالي للبشر هو «حالة الطبيعة» السابقة على القيم الحداثية والنظم الاجتماعية المعاصرة. كما أن الفيلسوف الانجليزي إدمون برك وقف ضد الثورة الفرنسية عند قيامها، رغم أفكاره التنويرية الإصلاحية، معتبراً أن أفكار الحرية المجردة يمكن أن تكون أداة قوية للاستبداد والتحكم المطلق، لما تؤسسه من وهم إمكانية إعادة بناء الأفراد والمجتمعات والقطيعة مع مسلماتهم العقَدية والقيمية التي هي مقوم هويتهم العينية الحقيقية.  ونفس الفكرة نجدها لدى الفيلسوفة الألمانية الأميركية حنة ارندت في نقدها للنزعات الاستبدادية المعاصرة مثل النازية والستالينية، باعتبارها تهدم مقولة «العالم المشترك» الذي هو أفق التعددية والترابط بين البشر، وتكرس القطيعةَ مع التقليد الذي هو إطار الاستمرارية التاريخية وشرط التأويلية المفتوحة.  فليس إذن نقد أيديولوجيا التقدم بالجديد في الفكر الغربي الحديث، ولا هو دليل الخروج عن أفكار الديمقراطية والتنوير، بل يمكن التمييز داخل التقليد الأنواري بين تيار تاريخاني تفكيكي يقوم على أدوات الفصل والقطيعة (التي تم استيرادها من تاريخ العلم والفكر الابستمولوجي)، وتيار محافظ يرى أن مسار الحريات العامة لا بد أن يراعي محددات الهوية والتقليد التي هي في نهاية المطاف ثوابت تعصم من التسلطية الفردية والتفكك العدمي. قبل سنوات أصدر المفكر الهندي «بنكاج مشرا» كتاباً هاماً بعنوان «عصر الغضب: تاريخ الحاضر»، ذهب فيه إلى أن العالَمَ يعيش حالياً انحسارَ «أيديولوجيا التقدم»، بما ينعكس في موجة الغضب الاحتجاجي العارم ضد النموذج «الحداثي الغربي» في مناطق واسعة من المعمورة، بل داخل قطاعات هامة من المجتمعات الغربية نفسها (الحركات الشعبوية القومية الصاعدة في أوروبا وفي الولايات المتحدة الأميركية). وبالنسبة لمشرا، لم يعد بالإمكان الرهان على نموذج التقدم الصناعي والتقني لتحقيق حاجات المجتمعات التنموية، بعد أن ظهر أن هذه الحركية عاجزة عن بلوغ أهدافها الأصلية، في الوقت الذي هدمت الأنساق الأيديولوجية والبنيات التقليدية التي كانت توفر للأفراد مصادرَ رمزية ومعيارية تعينهم على التعامل الإيجابي مع واقعهم ووجودهم. وبالرجوع إلى الأدبيات ما بعد الكولونيالية ذات التأثير الواسع في الفكر الهندي، يبين مشرا أن تجربة التحديث «العنيف» في العهد الاستعماري واكبتها في المجتمعات غير الغربية حالات فظيعة من العبودية والإبادة الجماعية التي تقنِّعها مُثُلُ الحرية الفردية والديمقراطية الليبرالية والرأسمالية المفتوحة. ووفقاً للمؤلف، لا يبدو مجدياً الرهانُ على تدارك الغرب المتقدم الذي استطاع فرض نظام يؤمّن استمراريةَ تحكمه في العلاقات الاقتصادية الكونية بما يضمن مصالحه ويُبقي على الأمم الأخرى في وضعية التبعية والتخلف.بيد أن مشرا يرفض تصنيف هذه الموجة الاحتجاجية ضد النموذج الغربي بصفتها صراعاً حضارياً كما يعتقد بعض الكتاب والمفكرين المعروفين، بل يرى أنها تعبّر عن تناقض داخلي في ديناميكية التنوير نفسها التي لا تزال تشكل الإطارَ التصوري والمعياري لكل مقاربات الحداثة الكونية.  لا أحد في العالم - باستثناء الحركات الراديكالية المتطرفة - يدعو للقطيعة مع قيم التقدم الفكري والاجتماعي، لكن لا بد من الإقرار أن تركة التنوير تطرح راهناً إشكالاتٍ عصيةً، حتى داخل الساحة الغربية نفسها. منذ روسو وهيغل، بدأ التنبه إلى ما تفضي إليه الأفكار المجردة حول الحرية والذاتية من تأجيج عزلة الإنسان عن الطبيعة والمجتمع، بما يترجم اليوم في النزعات المتنامية التي تدعو إلى إعادة الاعتبار للهويات التضامنية العضوية المستندة إلى المعتقدات الجماعية والتقاليد الثقافية والتاريخية. إن هذا الحوار الداخلي في المجتمعات الغربية، يوازيه حوار مماثل في العوالم غير الغربية حول أنماط الحداثة البديلة (كما تطرحها الأدبيات ما بعد الكولونيالية في الهند وأميركا اللاتينية وآسيا الشرقية)، وهنا يغدو السؤال المطروح هو حول مدى القدرة على استيعاب حركية التقدم التقني والصناعي ضمن قوالب حضارية ومجتمعية مختلفة ومغايرة.

*أكاديمي موريتاني






اقرأ على الموقع الرسمي

شاهد التقدم وتركة التنوير

كانت هذه تفاصيل التقدم وتركة التنوير.. والاحتجاجية الراهنة نتمنى بان نكون قد وفقنا بإعطائك التفاصيل والمعلومات الكامله .

و تَجْدَرُ الأشارة بأن المقال الأصلي قد تم نشرة ومتواجد على جريدة الاتحاد ونحيطكم علما بان قام فريق التحرير في نبض الجديد بالتاكد منه وربما تم التعديل فيه وربما قد يكون تم النقل بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر او المقال من مصدره الاساسي.

تابع نبض الجديد على :
اخبار عربية اليوم


منذ 2 ساعة و 57 دقيقة