كتب الجزائر تايمز منفى كاتب جزائري … غائب هنا وغائب هناك..اخبار عربية عبر موقع نبض الجديد - شاهد منفى كاتب جزائري … غائب هنا وغائب هناك في الجزائر، يتيح القانون حيازة جنسيتين، كما إن القانون نفسه يتغاضى عن إسقاط الجنسية عن المواطنين ففي 2021، جرى حديث عن إعداد قانون ينزع الجنسية عمن اقترف أفعالاً تمس بمصالح الوطن ووحدة... , نشر في السبت 2025/03/22 الساعة 05:30 ص بتوقيت مكة المكرمة التفاصيل ومشاهدتها الان .
منفى كاتب جزائري … غائب هنا وغائب هناك
في الجزائر، يتيح القانون حيازة جنسيتين، كما إن القانون نفسه يتغاضى عن إسقاط الجنسية عن المواطنين (ففي 2021، جرى حديث عن إعداد قانون ينزع الجنسية عمن اقترف أفعالاً تمس بمصالح الوطن ووحدة التراب، وسرعان ما جرى التخلي عنه)، ما يعني ألا حرج في الجمع بين الجنسية الأصلية وأخرى مكتسبة. وإذا نظرنا إلى منتخب الكرة، وهو من مفاخر البلد، سوف نجد أن جل اللاعبين من مزدوجي الجنسية، لأنهم في الغالب وُلدوا وكبروا في الخارج، ثم إن مشاهير الفن كذلك يحملون جنسيات أخرى، من غير أن يثير هذا الأمر حرجاً في أعين الناس، ولا أن يحرك في قلوبهم شك في وطنية هؤلاء المغنين، بل إن مغنية البلاد وردة فتوكي، ولدت فرنسية، قبل أن تحوز هوية جزائرية، في العشرينيات من عمرها، فصارت وردة الجزائرية، ثم اكتسبت الجنسية المصرية، وهذه الهوية الثلاثية لم تنزع عنها جزائريتها. والأمر ينطبق على نجوم السينما والمسرح، بل من رجال الأعمال من يمتلك هويتين، من غير أن يثار سؤال عنه، أو يتحدث الناس في شأنه. ومن رجال الدين كذلك من يملك هوية مزدوجة، واحدة جزائرية وأخرى فرنسية.
هذه أمور تدخل في باب المعتاد أو المتعارف عليه. فلا مانع أن يضع رجلاً هنا وأخرى هناك، بل من الناس من يبارك هذه الخطوة، ويرى فيها خياراً منطقياً، يؤهل صاحبه إلى التنقل بين الضفتين من غير ضرر. لكن عندما يتعلق الأمر بكاتب، فإن القيامة تقوم وتنشق السماء، ويناصبه الناس العداء، ليس لأنه تخلى عن الجنسية الجزائرية، بل لأنه طلب جنسية أخرى فحسب. فما يسمح به لغيره لا يسمح به له.. يصير الكاتب محل النقد كله، وقد تصيبه الشتائم والمسبات التي لم يسمع بها من قبل. وحده الكاتب يصير مجبراً على تبرير خياره، يصير معاقباً، لأنه اكتسب جنسية ثانية. يصير أشبه بمن ارتد عن الدين، هكذا يفكر الناس. يظنون أنه قد انقلب عليهم أو تخلى عنهم، أنه خانهم أو خالف عقيدتهم، بل منهم من يعادي الكاتب، بعدما كان قارئاً له، قد يفكر في حرق كتبه أو التخلي عنها، لأن شعوراً يراوده بأن الكاتب لم يعد جزءاً من ذاكرته، أنه ابتعد عنه. مع العلم أن الكاتب الجزائري، عندما يحوز جنسية أخرى، لن يغير همومه الأدبية. سوف يكتب مثلما كان يكتب في السابق. وأخطر مغامرة يخوضها كاتب من الجزائر هي عندما يحوز جنسية فرنسية، فهذا الأمر من شأنه أن يوقظ أشباح الماضي، وسوف يتحول إلى عدو، في قرارة نفوس القراء، لأن مناهج التعليم رسخت صورة واحدة في العقول عن فرنسا؛ إنها العدو. وكأن فرنسا الأمس هي نفسها فرنسا اليوم. ففي المدرسة قد نطالع نصاً لفيكتور هوغو، أو قصص لافونتين، قد نحب هذا الأدب الفرنسي، لكن هذا لم يمنع من تجييش العواطف نحو كره فرنسا، وهذا الكره يؤدي إلى كره كل كاتب يحمل جنسيتها، بغض النظر عن مدى ارتباطه وحبه للجزائر.
أنت تقيم في الخارج إذن أنت مُعارضنعلم أن الجيل الأول من الكتاب في الجزائر، ونقصد منهم جيل الخمسينيات (على غرار محمد ديب، كاتب ياسين، آسيا جبار أو مولود معمري)، كانوا يحملون الجنسية الفرنسية، بحكم أن الجزائر كانت مستعمرة، والأمر كان ينطبق على كل ساكنتها، واستمر الحال كذلك إلى غاية الاستقلال (1962)، بالتالي فإن ذلك الجيل لا يثير جدلاً، بحكم أن ظروفاً تاريخية أوجبت عليه حمل جنسية فرنسية، من بينهم من انتقل إلى جنسية جزائرية، عقب الاستقلال، ومنهم من غادر إلى فرنسا، وحافظ على جنسيتها، وهي حالة كذلك لا يشوبها سوء فهم. ففي سنوات الستينيات ثم السبعينيات، سادت علاقة واضحة بين البلدين، لأن الحرب كانت قد انتهت، واتفاقية إيفيان فصلت بين الطرفين، ولا واحد منهم فكر في محاكمة الآخر. وعندما يتعلق الأمر بكاتب ولد في فرنسا، من أبوين جزائريين، فإنه لا يثير تضارباً في الآراء أيضاً، وتصير جنسيته الأجنبية أمراً طبيعياً.ولكن في السنين الأخيرة تنامى خطاب جديد في الجزائر، يطالب فرنسا بالاعتراف بماضيها الكولونيالي، وهو أمر لم يكن موجوداً في السابق، بحكم أن الناس قد احتكمت إلى اتفاقية إيفيان، التي حددت واجبات وحقوق كل طرف، ولم تقتض في بنودها مسألة الاعتراف أو الملاحقة الأخلاقية أو القضائية. ومع تنامي هذا التيار، بات الكاتب في عين الإعصار. الكاتب وحده على خلاف من يحترفون مهناً أخرى. فمن يكتب بالفرنسية في الجزائر، يراد منه أن يضمّن أعماله خطاباً معادياً للآخر، وإن لم يفعل ذلك، التزاماً منه بشروط الفن، فسوف ينظر إليه نظرة مريبة. ومن ينشر في فرنسا، سوف يصير محل شك، وقد تطرح أسئلة عن موالاته أهي لبلده الأصلي؟ أم للضفة الشمالية من البحر الأبيض المتوسط؟ وإن حاز جائزة في فرنسا فسوف يجد نفسه محل انتقاد في الداخل، لأن السائد في العقول أن من يحصل على جائزة في فرنسا، فلا بد أن يخدم مصالح الجهة التي كرمته. إن هذه الحالة تضع الكاتب في مواجهة النيران كلها. كل كلمة يتلفظ بها أو جملة يكتبها، تتعرض إلى تأويلات وتصير حجة في إدانته. وإذا اكتسب جنسية فرنسية، فتلك ورطة يصعب عليه التخلص منها، يصير مثل من كان عميلاً أو مناهضاً لوطنه الأصلي. وعقب الحراك الشعبي، الذي عرفته البلاد عام 2019، ظهرت موجة جديدة من المعارضين، الذين يقيمون في الخارج، ويتبنون خطاباً راديكاليا في نقد السلطة، هذه الأخيرة حاولت من جهتها التقليل من شأنهم، وساد في وسائل الإعلام توجه في إدانة المعارضة، التي تأتي من الخارج. ولكن في خضم الرد على المعارضة القادمة من الخارج، جرت، بشكل واعٍ أو غير واع، إساءات لكل من يقيم خلف الحدود، وصار المواطن الذي يقيم في المهجر، لأسباب العمل أو العائلة، يجد نفسه مستهدفاً ومحل حرج، وإذا كان كاتباً فسوف يتضاعف الضغط عليه، ويضطر إلى تبرير موقفه، مع أن وظيفة الكاتب هي النقد لا الطاعة، هي إبداء الرأي لا الانصياع إلى السائد، هكذا كلما دافع عن حريته، تعالت الأصوات في إدانته.
سعيد خطيبي
اضف تعليق
تعليقات الزوار
لا تعليقات
شاهد منفى كاتب جزائري غائب هنا
كانت هذه تفاصيل منفى كاتب جزائري … غائب هنا وغائب هناك نتمنى بان نكون قد وفقنا بإعطائك التفاصيل والمعلومات الكامله .
و تَجْدَرُ الأشارة بأن المقال الأصلي قد تم نشرة ومتواجد على الجزائر تايمز ونحيطكم علما بان قام فريق التحرير في نبض الجديد بالتاكد منه وربما تم التعديل فيه وربما قد يكون تم النقل بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر او المقال من مصدره الاساسي.