من روائع أبي الطيب (38).. اخبار عربية

نبض الإمارات - جريدة الاتحاد


من روائع أبي الطيب (38)


كتب جريدة الاتحاد من روائع أبي الطيب (38)..اخبار عربية عبر موقع نبض الجديد - شاهد 109 كُلَّمَا أَنْبَتَ الزَّمَانُ قَنَاةً رَكَّبَ المَرْءُ فِي القَنَاةِ سِنَانَاهذا البيت، يُظهِرُ فلسفةَ أبي الطَّيبِ المُتنبّي في نَظَرِه لمصادرِ الشَّرِّ في الحياةِ، وطُرُقِ صِناعةِ الشَّرِّ في الدُّنيا، والإسهامِ في هذه الصِّناعة بينَ... , نشر في الأثنين 2025/03/24 الساعة 11:03 م بتوقيت مكة المكرمة التفاصيل ومشاهدتها الان .

(109) كُلَّمَا أَنْبَتَ الزَّمَانُ قَنَاةً * رَكَّبَ المَرْءُ فِي القَنَاةِ سِنَانَاهذا البيت، يُظهِرُ فلسفةَ أبي الطَّيبِ المُتنبّي في نَظَرِه لمصادرِ الشَّرِّ في الحياةِ، وطُرُقِ صِناعةِ الشَّرِّ في الدُّنيا، والإسهامِ في هذه الصِّناعة بينَ الزَّمانِ والإنسانِ.القَناةُ: عُودُ الرُّمحِ.والسِّنَانُ: نَصلُ الرُّمحِ الحادُّ الَّذي يُطعَنُ بِه، والَّذي يكونُ في رأسِهِ.إذا أنبت الزمان قَناةً: أي إذا أَظهَرَ الزَّمانُ مِن صُروفِهِ ما يبدو فيه بدايةُ ضَرَرٍ، جاء الإنسانُ للرُّمحِ الَّذي أنبتَهُ الزَّمانُ، فجعل رأسَهُ حادّاً جاهِزاً لإيذاءٍ مُكتَمِلٍ، فصار عُودَ رُمحٍ قاتلاً. إنَّ صنيعَ الإنسانِ في تَهيئةِ الشَّرِّ المُكتَمِلِ الإيذاءِ، بما يَفُوقُ صنيعَ الزَّمانِ، دليلٌ على أنَّ الإنسانَ كثيراً ما يَتَفَوَّقُ في شَرِّهِ وضُرِّهِ على نوائبِ الدَّهرِ، إلَّا إذا اعتبرناه أعظمَ نوائبِهِ ضَرَراً، وأكثرَها شَرّاً!فالشَّاعرُ يقولُ: كأنَّنا لم يكفِنا ما يَفعَلُهُ الزَّمانُ، مع أنَّ الزَّمانَ لا يَملِكُ قرارَ الأفعالِ، فهوَ مُؤتَمَرٌ بما يُفعَلُ فيهِ، ولأنَّنا لم يُقنِعنا فعلُ الزَّمانِ، ولم يُرضِنا، فقد أخذَ المرءُ على عاتِقِهِ أداءَ مَهمَّةِ الإيذاءِ على وَجهِها الأقبحِ!وقال أبو الفتحِ ابنُ جنّي: الزَّمانُ إذا أنبَتَ قَناةً إنَّما يُنبِتُها بالطَّبعِ، ولا يَشعُرُ لأيِّ شيءٍ تَصلُحُ، فيتكلَّفُ بنُو آدمَ اتِّخاذَ القناةِ تَوَصُّلًا إلى هَلاكِ النُّفوسِ. (110) وَمُرَادُ النُّفُوسِ أَصْغَرُ مِنْ أَنْ * تَـتَـعَـادَى فِيـْهِ وَأَنْ تَـتَـفَانَـىقوله: (تَتَعَادَى) و(تَتَفَانَى)، تعودُ على النُّفوسِ.ورُوِيَ البيتُ بلفظتَيْ (نَتَعَادَى) و(نَتَفَانَى)، بهذه الصِّيغة:وَمُرَادُ النُّفُوسِ أَصْغَرُ مِنْ أَنْ * نَتَعَادَى فِيهِ وَأَنْ نَتَفَانَىو(نَتَعَادَى) و(نَتَفَانَى)، تعودُ على ضميرِ المُتَكَلِّمِ، والمُرادُ: نَتَعَادَى نحنُ البَشَرَ، ونَتَفَانَى في سبيلِ التَّنافُسِ على (مُرادِ النُّفُوسِ) مِنَ المصالِحِ الدُّنيويَّةِ، والمباهِجِ الدُّونيَّةِ، والغَاياتِ السُّفليَّةِ، وهي الَّتي قال اللهُ تعالى عنها: (اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ)، وقال سبحانه: (وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ)، وقال جلَّ وعلا: (إِنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ)، وقال عزَّ مِن قائلٍ: (فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ). ولذلك وجَّه سبحانه عِبادَهُ بقوله تعالى: (فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا).يقولُ: ما يحصلُ عليه المرءُ مِنَ الدُّنيا تافِهٌ حقيرٌ؛ لأنَّها فانيةٌ، ومُرادُ النُّفوسِ فانٍ، وما يطلبُهُ النَّاسُ مِن دُنياهم أصغَرُ مِن أن يقعَ التَّفاني عليه، وأن تُحصَدَ فيه الأرواحُ. إنَّ غاياتِ النُّفوسِ ومُرادَها ومقاصدَها، ليست سوى صغائرَ دنيئةٍ، لا تستحقُّ لأجلِها أن تُنبِتَ المُعاداةَ والتَّحاسُدَ، وأن (نَتَفَانَى): أي أن يُفنِيَ بعضُنا بعضاً، بالتَّقاتُلِ والتَّحارُبِ والمُكايَدَةِ، إذ يكيدُ كلُّ واحدٍ للآخَرِ، ويتربَّصُ بهِ الدَّوائِرَ.

(111) غَيرَ أَنَّ الفَتَى يُلَاقِي المَنَايَا * كَالِحَاتٍ ولَا يُلَاقِي الهَوانَايقولُ: ومعَ ذلك، فالأحرارُ، العقلاءُ، المُدرِكونَ، الرَّاشدونَ، يُفَضِّلونَ مواجهةَ الموتِ الأحمرِ، ولِقاءَ (المنايا): وهي جمعُ مَنِيَّةٍ، والمَنِيَّةُ هي الموتُ، (كالحاتٍ): أي، مُكشِّراتٍ عابساتٍ، يُفَضِّلون ذلك على الحياةِ بِذُلٍّ، أو العَيشِ بِهوانٍ.وأرادَ الشَّاعرُ بعدَ بيانِه أنَّ مُرادَ النُّفوسِ أحقرُ مِنَ التَّقاتُلِ عليهِ، استثناءَ الهوانِ مِن بيانِهِ السَّابقِ، فإنَّ القبولَ بالموتِ أيسَرُ مِن القبولِ بالهوانِ.وإلى ذاتِ معنى بيتِ القصيدِ، قال المُتنبِّي في بيتٍ آخَرَ:عِشْ عَزِيزًا أَو مُتْ وأَنتَ كَرِيمٌ * بَينَ طَعْنِ القَنَا وخَفْقِ البُنُودِفَإِمَّا أَنْ تَعِيشَ بِعِزَّةٍ، وَإِلَّا فَالمَوْتُ بِكَرَامَةٍ خَيْرٌ مِنَ الذُّلِّ وَالهَوَانِ، وَالبَيْتُ يَتَحَدَّثُ عَنِ المَوْتِ فِي المَعْرَكَةِ بَيْنَ المُطَاعَنَةِ بِالسُّيُوفِ وَالرِّمَاحِ، وَ(البُنُودُ): الأَعْلَامُ وَالرَّايَاتُ الخَفَّاقَةُ، وَهُوَ دَلَالَةُ شَجَاعَةٍ وَفُرُوسِيَّةٍ.





(112) ولَو أَنَّ الحَيَاةَ تَبْقَى لِحَيٍّ * لَعَدَدْنَـا أَضَلَّنَـا الشُّجْعَانَـايَقُولُ: لَوْ كَانَتِ الحَيَاةُ بَاقِيَةً، مُسْتَمِرَّةً، غَيْرَ زَائِلَةٍ، وَلَا مُنْقَضِيَةٍ، وَالجَبَانُ يَمْنَعُهُ الجُبْنُ مِنَ المَوْتِ، لَكَانَ الشُّجَاعُ الَّذِي يَلْقَى المَوْتَ، بِذَهَابِهِ لِلْقِتَالِ، أَضَلَّ النَّاسِ، وَأَجْهَلَهُمْ لِتَعْرِيضِهِمْ أَنْفُسَهُمْ لِلهَلَاكِ، مَعَ إِمْكَانِ البَقَاءِ فِي الحَيَاةِ. وَلَكِنَّ الحَيَاةَ لَا تَبْقَى لِشُجَاعٍ وَلَا لِجَبَانٍ، وَالمَوْتُ نَافِذٌ فِي الطَّرَفَيْنِ لَا مَحَالَةَ، وَالجُبْنُ وَالحَذَرُ وَالحِرْصُ لَا يَمْنَعُ وُقُوعَ المَوْتِ، وَالحَيَاةُ لَا تَسْتَمِرُّ لِأَحَدٍ، أَيًّا كَانَ. وَأَتْبَعَ بَيْتَ القَصِيدِ، بِبَيْتٍ فِيهِ شَرْحُ المَعْنَى، وَبَيَانُ القَصْدِ، وَإِيضَاحُ المُرَادِ، بِقَوْلِهِ:

(113) وإِذَا لَمْ يَكُنْ مِنَ المَوتِ بُدٌّ * فَمِنَ العَجْـزِ أَنْ تَكُـونَ جَبَانَـاوَهَذَا بَيْتٌ فِيهِ حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ، وَحَصَافَةٌ بَيِّنَةٌ، وَهُوَ مِنَ الأَمْثَالِ السَّائِرَةِ مِنْ شِعْرِ أَبِي الطَّيِّبِ.يَقُولُ: إِذَا لَمْ يَكُنِ الجُبْنُ مَانِعاً مِنَ المَوْتِ، وَكَانَ الشُّجَاعُ وَالجَبَانُ ذَاهِبَيْنِ إِلَى المَصِيرِ ذَاتِهِ، وَهُوَ المَوْتُ، فَإِنَّ الجُبْنَ يُزْرِي بِالجَبَانِ وَيُنْقِصُ قَدْرَهُ، وَيُصَيِّرُهُ عَاجِزاً، دُونَ أَنْ يُقَدِّمَ لَهُ أَيَّ فَائِدَةٍ أَوْ مَصْلَحَةٍ، فَأَيُّ جَدْوَى -إِذَنْ- مِنْ كَوْنِ الإِنْسَانِ جَبَاناً، سِوَى الإِزْرَاءِ بِهِ، وَالحَطِّ مِنْ مَنْ


اقرأ على الموقع الرسمي

شاهد من روائع أبي الطيب 38

كانت هذه تفاصيل من روائع أبي الطيب (38) نتمنى بان نكون قد وفقنا بإعطائك التفاصيل والمعلومات الكامله .

و تَجْدَرُ الأشارة بأن المقال الأصلي قد تم نشرة ومتواجد على جريدة الاتحاد ونحيطكم علما بان قام فريق التحرير في نبض الجديد بالتاكد منه وربما تم التعديل فيه وربما قد يكون تم النقل بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر او المقال من مصدره الاساسي.

تابع نبض الجديد على :
اخبار عربية اليوم