ما بعد الديمقراطية الانتخابية.. اخبار عربية

نبض الإمارات - جريدة الاتحاد


ما بعد الديمقراطية الانتخابية


كتب جريدة الاتحاد ما بعد الديمقراطية الانتخابية..اخبار عربية عبر موقع نبض الجديد - شاهد في شهر نوفمبر الماضي، ألغت المحكمة الدستورية في رومانيا الانتخابات الرئاسية، معتبرةً أنها عانت من التدخل التقني الروسي الذي أفقدها صدقيتَها وشرعيتَها.ليست الحالة الرومانية استثناءً، فقد اعتادت البلدان الغربية اتهام موسكو بالتدخل في مرات عديدة... , نشر في الأحد 2025/03/30 الساعة 11:48 م بتوقيت مكة المكرمة التفاصيل ومشاهدتها الان .

في شهر نوفمبر الماضي، ألغت المحكمة الدستورية في رومانيا الانتخابات الرئاسية، معتبرةً أنها عانت من التدخل التقني الروسي الذي أفقدها صدقيتَها وشرعيتَها.ليست الحالة الرومانية استثناءً، فقد اعتادت البلدان الغربية اتهام موسكو بالتدخل في مرات عديدة للتأثير على الانتخابات العامة، من استفتاء «البريكست» في بريطانيا إلى الاقتراع الرئاسي الأميركي، وليس انتهاءً بالانتخابات التشريعية الأخيرة في ألمانيا.ليس من السهل الوصول إلى حقيقة موضوعية في هذا الجدل الروسي الغربي المتصاعد، لكن مما لا شك فيه أنه يعكس أزمةً عميقةً ومعقدةً تعرفها حالياً الديمقراطيات الانتخابية في معظم الدول الليبرالية الغربية. ما لا يعرفه الكثيرون هو أن آلية الانتخاب لم ينظر إليها بعين إيجابية لدى دعاة الديمقراطية الليبرالية الأوائل، بل إن فكرة التمثيل اعتبرت متعارضة مع مبدأ سيادة الشعب، سواء تعلق الأمر بتوماس هوبز الذي رأى أن مفهوم التمثيل الأوحد المقبول هو تجسيد الدولة للجسم المدني المشترك، أو تعلق بجان جاك روسو الذي كان يرى في فكرة التمثيل تناقضاً صريحاً مع معيار الإرادة المشتركة الذي هو أساس العقد الاجتماعي. وهكذا كتب السياسي الفرنسي فرانسوا غيزو في بداية القرن التاسع عشر: «إن هدف الانتخاب كما هو بديهي هو نقل الأشخاص أكثر تأهيلاً وقدرة إلى مركز الدولة، وتلك طريقة لاكتشاف وتشكيل الشرعية الأرستقراطية الحقيقية». أما اليسار الثوري، فقد نظر إلى الانتخاب على أنها لا تفضي إلا إلى حرية صورية تغطي على التفاوت الاجتماعي القائم.ومع نهاية القرن التاسع عشر، اعتمدت الديمقراطيات الليبرالية الغربية نظامَ الانتخاب لقياس الشرعية الديمقراطية، في مرحلة اتسمت بحدة الصراع الاجتماعي الأيديولوجي الذي انعكس في كتل انتخابية متمايزة طبقياً وسياسياً تعكسها قوى حزبية منظمة، بما منح فكرة التمثيل مضموناً موضوعياً ملموساً ودقيقاً.  بيد أن الصورة تغيرت نوعياً في السنوات الأخيرة التي شهدت ظواهرَ متزايدةً حدت من فاعلية ونجاعة الماكينة الانتخابية، من بينها: انحسار الصراع الاجتماعي الطبقي الأصلي المرتبط بالحضارة التقنية الصناعية الحديثة، واستفحال حركية التجزؤ الفردي التي ألغت الهويات الجماعية الممتدة، وانهيار المنظومة الحزبية التي كانت في السابق متمحورة حول اليمين الليبرالي والاشتراكية الاجتماعية...في جل الديمقراطيات الغربية، لم تعد الاستحقاقات الانتخابية تتناسب مع الزمنية السياسية، أو تحسم صراعاً سياسياً قائماً، بما ينعكس في غياب أو ضعف الأغلبيات البرلمانية، بما يفرض أنماطاً متنوعة من التحالفات الظرفية التي تشل في بعض الأحيان مؤسسات الدولة، كما ينعكس في عجز الحقل السياسي عن ضبط حركية الاحتجاج المدني والمطلبي في الشارع، فضلاً عن عزوف قطاعات واسعة من المواطنين عن الانتخاب وصعود التيارات الشعبوية غير الليبرالية.لقد طالب العديد من المفكرين السياسيين في السنوات الأخيرة بإعادة طرح ومعالجة سؤال الشرعية الديمقراطية بعد أن ظهر عجز آلية الانتخاب عن حله بالطريقة الملائمة المرضية.فإذا كانت الديمقراطية الحديثة تقوم على ثلاثة مرتكزات هي: المشاركة والتداول العمومي والتمثيل، فإن أدواتها المسطرية قابلة لأن تتكيف مع الواقع المجتمعي الجديد، وليس من المعقول أن تختزل في آلية الانتخاب التي تقوم على مسلمة تماهي الأغلبية المنتخبة مع الإرادة الجماعية المشتركة.وإذا كانت الثورة الرقمية الجديدة قد وفّرت فرصاً هائلة غير مسبوقة للنقاش العمومي وللمشاركة المدنية، إلا أنها في الوقت نفسه ولدت تحديات خطيرة تتمثل في مخاطر التلاعب بالوعي والعقل من خلال سياسات الانطباع السريع وتوجيه الأذواق والميول وطمس الحقائق والوقائع الموضوعية، بما أدى إلى إبطال القاعدة الذهبية للسياسة العادلة كما تصورها أفلاطون، أي القدرة على التمييز العقلاني الدقيق بين الحقيقة والوهم من خلال تصفية السيلان الخطابي العام. كما أن التقنيات الرقمية الجديدة بقدر ما وفرت أدوات صارمة ودقيقة لضمان الشفافية الانتخابية، حولت في الآن نفسه الآلية الانتخابية من خلال برامج الذكاء الاصطناعي والقرصنة السبرنتيقية إلى مجرد ماكينة تقنية قابلة للتوجيه والتحكم من بعد. لقد أطلق الفيلسوف الإيطالي جورجيو أغامبن على هذه الظاهرة «ليبرالية المراقبة» التي قضت تدريجياً على أهم شرط في الديمقراطية الحديثة، وهو حرية الوعي والإرادة.قد لا يكون من الواقعي التخلي عن آلية الانتخاب في المجتمعات الديمقراطية المعاصرة، لكن لا بد من التنويه أن هذه الآلية لا تستوعب كل دلالات التمثيل الذي يمكن أن يَعتمد صيغاً أخرى أكثر فاعلية، كما أن زمنية الانتخاب يمكن أن تتغير جذرياً لكي تتلاءم مع حركية الفعل السياسي الراهن. والأهم من هذا كله أن موضوع الشرعية السياسية أصبح اليوم مفتوحاً من أجل الحفاظ على المكسب الحقيقي للديمقراطيات الليبرالية، وهو تأمين السلم الأهلي من خلال مؤسسات إجماعية توافقية. 





*أكاديمي موريتاني


اقرأ على الموقع الرسمي

شاهد ما بعد الديمقراطية الانتخابية

كانت هذه تفاصيل ما بعد الديمقراطية الانتخابية نتمنى بان نكون قد وفقنا بإعطائك التفاصيل والمعلومات الكامله .

و تَجْدَرُ الأشارة بأن المقال الأصلي قد تم نشرة ومتواجد على جريدة الاتحاد ونحيطكم علما بان قام فريق التحرير في نبض الجديد بالتاكد منه وربما تم التعديل فيه وربما قد يكون تم النقل بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر او المقال من مصدره الاساسي.

تابع نبض الجديد على :
اخبار عربية اليوم
منذ 10 ساعة و 59 دقيقة
منذ 10 ساعة و 31 دقيقة
منذ 11 ساعة و 12 دقيقة