كتب النيلين حميدتي.. قصة صعود رجل الجن والإبل..اخبار عربية عبر موقع نبض الجديد - شاهد حين احتشد السودانيون في العاصمة الخرطوم مطالبين بالإطاحة بالرئيس عمر البشير ونظامه نهاية عام 2018، كان الرجل الأربعيني الذي يعتبره البشير أحد حماة النظام يعاير حساباته بدقة. كان حميدتي واحدا من أولئك المنحدرين من أطراف السودان التي توصف في أدبيات... , نشر في الأحد 2025/04/13 الساعة 03:39 م بتوقيت مكة المكرمة التفاصيل ومشاهدتها الان .
حين احتشد السودانيون في العاصمة الخرطوم مطالبين بالإطاحة بالرئيس عمر البشير ونظامه نهاية عام 2018، كان الرجل الأربعيني الذي يعتبره البشير أحد حماة النظام يعاير حساباته بدقة. كان حميدتي واحدا من أولئك المنحدرين من أطراف السودان التي توصف في أدبيات الصراع بالمهمشة لكنه وجد ضالته في التحالف مع المركز وممارسة القمع نيابة عنه في الأطراف …لكن الانتفاضة ضد البشير كانت بمثابة لحظة وحدة نادرة هتف خلال الجميع ضد النظام بشعار “كلنا دارفور” فيما بدا وكأنه تمرد على التقسيم الضمني التقليدي بين الحواضر المركزية والأطراف المهمشة.أغرت نشوة الثورة أهالي دارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق لدعم الحركة الاحتجاجية، ولتذكير الحشود في الخرطوم أيضًا بالأهوال التي واجهوها. وبالتزامن مع ذلك احتشدت مجموعة أخرى من سكان دارفور في شوارع العاصمة في نفس الوقت تقريبًا هي قوات الدعم السريع حاملة إرث ميليشيا الجنجويد التي كانت مسؤولة عن معظم أعمال العنف في دارفور وضواحيها.ولكن في هذه المرة قرر رجال حميدتي دعم الاحتجاجات ضمنيا وتنكروا لأوامر البشير لإخماد المظاهرات ما أكسبه شعبية في العاصمة لا تتناسب مع إرثه الدموي، غير أن أولئك القادمين من دارفور والمناطق الأخرى التي مزقتها الحرب ظلوا حذرين تجاه نوايا الرجل الذي يعرفونه أكثر من غيرهم.تبدأ قصتنا إذن من الهامش وليس من المركز المتهم باحتكار المنعة والسيطرة، من إقليم دارفور الممتد غربي السودان على مساحة شاسعة تعادل خمس مساحة البلاد، وتناهز مساحة فرنسا بالكامل تقريبا.يتسم الإقليم بتنوع واسع في المناخ والتضاريس، فمن الجنوب حيث الأمطار الغزيرة تنتشر السافانا الغنية، بينما تقل كثافتها في الوسط مفسحة المجال لهضبة مبسوطة تحيط بها الجبال، أما الشمال، فتشغله صحراء شاسعة مترامية الأطراف. وفيما وراء كل ذلك تقبع الموارد الطبيعية الوفيرة، يحوطها موقع جيوسياسي متميز يتغذى بتاريخ سياسي يعود إلى ما قبل نشأة السودان الحديث، إذ تأسست سلطنة دارفور الإسلامية عام 1596، ما جعل الإقليم كيانا سياسيا مستقلا لعقود طويلة.في تلك المنطقة الغنية جغرافيا وتاريخيا، استوطنت قبائل عربية رحّالة امتهنت رعي الإبل، عُرفوا بـ “الأبالة”، وتنقلوا بحرية بين السودان وتشاد قبل ترسيم الحدود بين البلدين. وقد ساهمت موجات الجفاف والصراعات، لا سيما في تشاد بين الستينيات والثمانينيات، إلى دفع العديد من هذه القبائل إلى النزوح نحو السودان، ومن بينها عشيرة “أولاد منصور”، التي تنتمي إلى فرع “الماهرية” من قبيلة “الرزيقات” إحدى أعرق قبائل المنطقة، وأكثرها مكانة وتجذرا.
كان “دقلو” الأب زعيم هذه العشيرة في تشاد، وخلفه ابنه “جمعة”، الذي قاد “أولاد منصور” خلال رحلة النزوح إلى شمال دارفور في أواخر الثمانينات، إلا أن سلطات الإقليم لم تعترف بزعامته، مما دفع العشيرة إلى البحث عن موطئ قدم في الجنوب، حيث لاقت ترحيبًا من السلطات المحلية، واستقر بهم المقام في منطقة كانت تابعة لقبيلة الفور وأعادوا تسمية الموقع من “دوغي” (بلغة الفور) إلى “أم القرى”.
وفي منتصف السبعينيات رُزق “حمدان”، شقيق جمعة دقلو، بابنه محمد، الذي أطلقت عليه والدته لقب “حميدتي”، أي “محمد الصغير”.
لم يُكمل “حميدتي ” تعليمه، إذ انقطع عن الدراسة في الصف الثالث الابتدائي ليمتهن النشاط التقليدي لعشيرته: رعي الإبل والتجارة على امتداد الحدود بين السودان وتشاد وليبيا. لاحقًا، وسّع أعماله لتشمل تجارة الأثاث والتحف، وامتلك متجرًا كبيرًا في نيالا، حاضرة جنوب دارفور. وربما كانت قصة حميدتي لتنتهي هناك – منقطعًا عن الدراسة، رحّالًا، تاجر إبل، ورجل أعمال صغير- لولا أن اندلاع التمرد في دارفور قلب مساره رأسًا على عقب، بل وربما أعاد رسم معالم المشهد الجيوسياسي في السودان والمنطقة بأكملها.
منذ استقلال السودان عام 1956، كانت البلاد مسرحا لصراعات داخلية ممتدة، شملت عقودا من الحروب الأهلية المتتالية وزهاء 20 محاولة انقلابية منها 3 انقلابات كبرى ناجحة (1958 و1969 و1989) وثورتين شعبيتين في عامي 1964 و1985 أطاحتا بحكومتي الرئيسين إبراهيم عبود وجعفر نميري على التوالي، بخلاف انتفاضة عام 2019 التي انتهت بإطاحة الجيش بالرئيس عمر البشير.وقد لجأت الحكومات السودانية المتعاقبة، بدءاً من عهد النميري، إلي تسليح القبائل واستخدامها للقتال بالوكالة، لمواجهة حركات التمرد المسلحة في الأطراف التي رفعت شعارات المساواة في التنمية والمشاركة في السلطة.لتحقيق ذلك، تبنت الدولة خطابًا اعتبر تحريضيًا يقوم على إذكاء العداءات التاريخية بين القبائل، وهي في الأساس صراعات على الموارد مثل الأراضي الزراعية والمراعي، وقد منحت هذه الميليشيات القبلية الحكومة ميزة لا يمتلكها الجيش الرسمي، إذ كانت أكثر دراية بجغرافيا الإقليم، وأكثر قدرة على تبني تكتيكات حروب العصابات التي تستخدمها الحركات المسلحة، باستخدام السيارات المسلحة رباعية الدفع مقابل الجيش الذي ينتهج الخطط العسكرية المتأنية القائمة على الترابية بما لا يساعد في المناورة السريعة في أرض المعركة والتصدي لتلك الحركات.ظهر أول نموذج لهذه الميليشيات في عهد نميري، عندما استعان بـ “القوات القبلية الصديقة” لمواجهة التمرد في جنوب السودان بقيادة العقيد اليساري جون قرنق، ثم واصل الصادق المهدي النهج ذاته في الثمانينيات عبر تأسيس ميليشيا “المراحيل”، قبل أن يتبنى نظام الإنقاذ هندسة مقاربة أكثر تنظيما للفكرة ذاتها بإنشاء “قوات الدفاع الشعبي” عام 1989.سار البشير على نفس الاستراتيجيات السابقة التي انتهجها سابقوه لمواجهة التمرد وكان ميدان المواجهة الرئيسي هذه المرة هو دارفور، بيد أنه لم يتوقع ربما أن النار التي أشعلها هناك في أقصى الغرب ستقضي على نظامه يومًا ما في الخرطوم.كانت البداية عام 2003 عندما أعلنت حركتان مسلحتان، هما حركة تحرير السودان وحركة العدل والمساواة، وكانتا تتكونان من جماعات زراعية تعود جذورها إلى قبائل افريقية أبرزها الزغاوة والفور تمردهما على السلطة المركزية في الخرطوم، متهمتين إياها بتهميش الإقليم الغربي تنمويا وسياسيا.وسرعان ما أربك التمرد الجديد خطط حكومة البشير التي كانت قد أحرزت آنذاك تقدمًا كبيرًا في مفاوضاتها مع حركة جون قرنق في الجنوب، والتي تُوّجت لاحقًا باتفاق سلام في مطلع 2005، مهّد لانفصال جنوب السودان في يوليو/ تموز 2011 بموجب استفتاء شعبي منصوص عليه في الاتفاقية.سرعان ما تصدرت أخبار الحرب في دارفور وسائل الإعلام العالمية، غير أن الخرطوم اتهمت واشنطن بالمبالغة في توصيف الصراع للتغطية على غزوها أفغانستان والعراق.وفي غضون فترة قصيرة تمكنت الحركات المسلحة من توجيه ضربات قاسية للحكومة، أبرزها هجوم عنيف على مطار الفاشر ما دفع البشير للجوء إلى الزعيم القبلي موسى هلال من فرع المحاميد بقبيلة الرزيقات، التي قاتلت مع الحكومة أثناء الحرب الأهلية في الجنوب (1983-2005).وهكذا، تأسست مليشيا “الجنجويد” -والتي تعني “الجن على ظهر الخيل” كناية عن الإقدام- بزعامة هلال، للقتال في دارفور نيابة عن الحكومة والبشير، فيما تولى مكتب استخبارات حرس الحدود الإشراف عليها وتنظيمها.تشكلت نواة الجنجويد من شباب القبائل العربية، لا سيما المحاميد والماهرية من قبيلة الرزيقات إضافة إلى مهاجرين تشاديين، وكان بعض منسوبيها من “المتمردين السابقين”. وكان من أبرز المنضمين إلى صفوف ميليشيات موسى هلال أولاد عمومتة من عشيرة أولاد منصور ومنهم حميدتي الذي تتضارب المعلومات حول طريقة انضمامه إلى الجنجويد بين روايتين مختلفتين.الرواية الأكثر شيوعا هي أنه اضطر إلى حمل السلاح في صراع دارفور والانضمام للجنجويد عندما هاجم مسلحون إحدى قوافله التجارية، وقتلوا 60 من أفراد عائلته ونهبوا جماله.أما الرواية الثانية، فقد نشرتها صحيفة التلغراف البريطانية عام 2019 في تحقيق لكبير مراسليها الأجانب رولاند أوليفانت، نقلاً عن أحد ضباط جهاز الأمن والمخابرات الذي كان مشاركًا بنفسه في الأحداث كما تقول الصحيفة.وفقًا للضابط المذكور، كان حميدتي زعيمًا لعصابة تهاجم القوافل التجارية في صحراء دارفور لنهب الوقود وبيعه للمتمردين، إلى أن اعتُقل بواسطة جهاز الأمن والمخابرات وبمشاركة الضابط نفسه.
تعرض حميدتي للتعذيب أثناء اعتقاله بعد أن حاولت عصابته تهريبه من السجن، لكن بعد فترة وجيزة، تفاجأ الضابط عند استدعائه إلى الخرطوم بأن أسيرهم السابق قد أُطلق سراحه، ومنح زي جهاز الأمن والمخابرات، وأُقنع بقيادة عصابته ضد المتمردين.
وقد أشارت الصحفية والكاتبة السودانية نسرين مالك في تحقيق نشرته بصحيفة الغارديان عام 2023 إلى رواية مشابهة لذلك عن حميدتي، استنادًا إلى مصادر عايشت تلك الفترة.
استمرت ما باتت تُعرف بـ”حرب دارفور الأولى” حتى عام 2008 وأدت إلى تدمير المنطقة تماما وعانى على إثر ذلك سكان دارفور المدنيون معاناةً بالغة طوال فترة الصراع، إذ قُدّرت أعداد القتلى بأكثر من 300 ألف شخص وفقًا للأمم المتحدة، نتيجةً للعنف، أو الأمراض، أو المجاعة أو الجفاف الناجم عن الحرب، فيما شُرّد نحو 3 ملايين داخل السودان وخارجه.
خلال تلك الحرب المدمرة سطع نجم حميدتي وبرز مقاتلا شرسا. على سبيل المثال في 23 نوفمبر/ تشرين الثاني 2004، قاد هجوما منسقا تديره الدولة باستخدام الجنجويد والجيش ضد قرية “عدوة” في ولاية جنوب دارفور، مما أسفر عن مقتل 126 شخصًا، ووفقًا لشهود عيان لمجلة فورين بوليسي، قاد حميدتي مئات الرجال في غارة على منطقة شمال دارفور التي يسيطر عليها المتمردون، حيث دهس الجنجويد مدنيين بشاحناتهم الصغيرة واغتصبوا النساء لدرجة أن أساليبه العنيفة خلقت توترات مع ضباط الجيش المرافقين له.وأكسبت التأثيرات الميدانية التي خلفها حميدتي ومقاتلوه في قمع التمرد على الأرض ثقة هلال والبشير ليصبح أحد أمراء الحرب المرموقين في الجنجويد منذ عام 2006 وما بعدها.
في غضون ذلك بدأ حميدتي يشعر أنه يستحق موقعا أفضل في هياكل النفوذ والسلطة في السودان، لذا فقد شرع عام 2007 في تمرد ضد الحكومة، وهو ما وثّقه تحقيق ميداني مصور لشبكة سي إن إن بعنوان “في حضرة الجنجويد” أو “Meet the Janjaweed”، حيث ظهرت المذيعة نعمة الباقر لأول مرة في معسكرات الجنجويد ومخيمات النزوح في دارفور.ظهر حميدتي في الفيلم قائلًا إن الحكومة، وعلى رأسها البشير، جندته لقتال المتمردين وزودته بالسلاح، مشيرًا إلى أن رجاله بريئون من الجرائم التي وثقتها التقارير الأممية، كما ظهر في الوثائقي شقيقه عبد الرحيم دقلو متحدثًا عن خيانة الحكومة لهم.ووفقًا للباحث والمؤلف جيروم توبيانا الذي نشر تقريرا عن حميدتي في مجلة فورين بوليسي، فإن السبب الحقيقي لتمرد دقلو هو اتفاق سري أُبرم مع وزير الدفاع التشادي بشارة عيسى جاد الله، وهو قريب لحميدتي، نص على امتناع الأخير عن قتال الحركات المتمردة في دارفور في سياق التوترات بين حكومتي الب
شاهد حميدتي قصة صعود رجل الجن والإبل
كانت هذه تفاصيل حميدتي.. قصة صعود رجل الجن والإبل نتمنى بان نكون قد وفقنا بإعطائك التفاصيل والمعلومات الكامله .
و تَجْدَرُ الأشارة بأن المقال الأصلي قد تم نشرة ومتواجد على النيلين ونحيطكم علما بان قام فريق التحرير في نبض الجديد بالتاكد منه وربما تم التعديل فيه وربما قد يكون تم النقل بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر او المقال من مصدره الاساسي.