سلامة الصّدر: راحة في الدنيا وغنيمة في الآخرة.. اخبار عربية

نبض الجزائر - الشروق أونلاين


سلامة الصّدر: راحة في الدنيا وغنيمة في الآخرة


كتب الشروق أونلاين سلامة الصّدر: راحة في الدنيا وغنيمة في الآخرة..اخبار عربية عبر موقع نبض الجديد - شاهد الرأي سلامة الصّدر راحة في الدنيا وغنيمة في الآخرةسلطان بركاني2025 04 1610روى صحابيّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم زيد بن أسلم رضي الـله عنه أنّه دخل على أبي... , نشر في الأربعاء 2025/04/16 الساعة 08:27 م بتوقيت مكة المكرمة التفاصيل ومشاهدتها الان .

الرأي

سلامة الصّدر: راحة في الدنيا وغنيمة في الآخرة





سلطان بركاني

2025/04/16

1

0

روى صحابيّ رسول الله -صلّى الله عليه وآله وسلّم- زيد بن أسلم -رضي الـله عنه- أنّه دخل على أبي دجانة -رضي الله عـنه- في مرضه الذي مات فيه ووجهه يتهلّل، فسأله: ما لكَ يتهلَّلُ وجهك؟ قال: “ما من عمل شيء أوثق عندي من اثنتين، أمّا إحداهما فكنت لا أتكلم بما لا يعنيني، وأمّا الأخرى فكان قلبي للمسلمين سليمًا”.

تأمّل معي -أخي المؤمن- هذه البشارة التي حظي بها هذا العبد الصّالح من عباد الله؛ تهلّلَ وجهه وهو يرحل عن هذه الدّنيا، مستبشرا بما ينتظره في دار الجزاء بإذن الله. استنار وجهه لأنّه عاش حياته لا يتكلّم فيما لا يعنيه؛ يمسك لسانه عن الخوض في أعراض إخوانه المسلمين، ولا يتكلّم فيهم إلا بخير. لا يتصيّد عثراتهم ولا يتتبّع عوراتهم، ولا يتحدّث في شيء من أمروهم لا يعنيه، وفوق هذا كان قلبه سليما صافيا لإخوانه، لا يحسد أحدا ولا يحقد على أحد ولا يحمل الضّغينة لأحد.. كان يعلم أنّ هذه الحياة الدّنيا دار فانية زائلة، يوشك العبد أن يرحل عنها إلى دار الجزاء الباقية، دار لا تستحقّ أن يَحسد لأجلها أخا من إخوانه، أو يحقد لأجل متاعها الفاني على عبد مؤمن مسلم.. تهلّل وجهه وهو يستعدّ لوداع هذه الدّار الفانية، وكيف لا يتهلّل وهو مقبل -بإذن الله- على جنّة عرضها السّماوات والأرض؛ جعل الله من أهمّ وأرجى الأعمال التي توصل إليها سلامة القلب لعباد الله المؤمنين.

روى الإمام أحمد عن أنس بن مالك –رضي الله عنْه- قال: “كنا جلوساً مع رسول الله –صلّى الله عليه وسلّم- فقال: يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة، فطلع رجل من الأنصار تنطف لحيته من وضوئه قد تعلق نعليه في يده الشمال، فلما كان الغد قال النبي –صلّى الله عليه وسلّم- مثل ذلك، فطلع ذلك الرجل مثل المرة الأولى، فلما كان اليوم الثالث قال النبي –صلّى الله عليه وسلّم- مثل مقالته أيضاً، فطلع ذلك الرجل على مثل حاله الأولى، فلما قام النبي –صلّى الله عليه وسلّم- تبعه عبدالله بن عمرو بن العاص فقال: إني لاحيْت أبي فأقسمت ألا أدخل عليه ثلاثاً، فإن رأيت أن تؤويني إليك حتى تمضي فعلت فقال: نعم، قال أنس: وكان عبد الله يحدّث أنه بات معه تلك الليالي الثلاث فلم يره يقوم من الليل شيئاَ غير أنه إذا تعارَّ وتقلب على فراشه ذكر الله -عز وجل- وكبر حتى يقوم لصلاة الفجر، قال عبد الله: غير أني لم أسمعه يقول إلا خيراً.. فلما مضت الثلاث ليال وكدت أن أحتقر عمله قلت: يا عبد الله إني لم يكن بيني وبين أبي غضب ولا هجر، ولكن سمعت رسول الله –صلّى الله عليه وسلّم- يقول لك ثلاث مرار: يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة؛ فطلعت أنت الثلاث مرار، فأردت أن آوي إليك لأنظر ما عملك، فأقتدي به؛ فلم أرك تعمل كثير عمل، فما الذي بلغ بك ما قال رسول الله –صلّى الله عليه وسلّم-؟ فقال: ما هو إلا ما رأيت غير أني لا أجد في نفسي لأحد من المسلمين غشاً، ولا أحسد أحداً على خير أعطاه الله إياه. فقال عبد الله: هذه التي بلغت بك وهي التي لا نطيق. (رواه الإمام أحمد).

هكذا أدرك الأوّلون أشرف المنازل، وعاشوا حياة هانئة مطمئنّة، عندما كانت قلوبهم سليمة طاهرة نقية بعضهم لبعض، كأفئدة الطّير لا حقد فيها ولا غلّ ولا حسد. سئل أحد العلماء: كيف كانت أعمال مَن قبلنا؟ فقال: “كانوا يعملون يسيرًا، ويؤجرون كثيرًا”، قيل: ولِمَ ذاك؟ قال: “لسلامة صدورهم”.. نعم، كانوا يعملون يسيرا ويؤجرون كثيرا، لأنّهم أخرجوا الحقد والبغضاء والحسد من قلوبهم؛ لا ينام الواحد منهم حتى يعفو عن إخوانه جميعا ويسامحهم ويدعو لهم.. إن مسّ أحدهم طائف من الشّيطان فأخطأ في حقّ أخيه، ما أن تزول عنه الغشاوة حتى يسارع إلى طلب العفو والصّفح منه، فيجد أخاه قد سامحه وعفا عنه، فيلقاه بوجه مبتسم وروح طاهرة، كأنّه لم يخطئ في حقّه ولم يسئ إليه. لا يذكره بسوء ولا يتكلّم عنه في غيبته ولا يدعو عليه، بل يدعو الله له ويقول: “اللهمّ إنّ أخي قد أخطأ في حقّي فردّه إلى صوابه وتب عليه”.. كان الواحد منهم لا ينظر إلى أخيه المخطئ على أنّه شيطان، بل ينظر إليه على أنّه بشر وقع ضحية للنّفس والشّيطان، فلا يعين النّفس والشّيطان على أخيه، بل يعين أخاه على نفسه وشيطانه، وربّما لا ينتظر منه أن يطلب منه العفو والصّفح، بل يبادر بالعفو ويطلب الصّفح من أخيه ولو كان هو المظلوم، حتى يقطع على الشّيطان وساوسه وأحابيله.

هكذا عاشوا، لأنّهم تعلّموا من معلّمهم أنّ أفضل عباد الله وأحبّهم إليه أطهرُهم قلبا وأوسعهم صدرا؛ فعندما سُئل الحبيب المصطفى -عليه الصّلاة والسّلام-: أيّ الناس أفضل؟ لم يقل أكثرهم صلاة وصياما وصّدقة، وإنّما قال: “كلّ مخموم القلب صدوق اللسان”. قالوا: صدوق اللسان نعرفه، فما مخموم القلب؟ قال: “هو التقيّ النقيّ، لا إثم فيه ولا بغي ولا غلّ ولا حسد” (رواه ابن ماجه).. وهذا مصداق قول الله -جلّ وعلا-: ((يَوْمَ لاَ يَنْفَعُ مَالٌ وَلاَ بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ)).. لا ينفع يوم القيامة إلا القلبُ السليم العامر بحبّ الله وتقواه وخشيته والنقيّ من الحقد والحسد لعباد الله المؤمنين.

هكذا كان الأوّلون، وهكذا اهتمّوا بطهارة قلوبهم وصدورهم أكثر من اهتمامهم بطهارة أبدانهم وأثوابهم، لأنّهم علموا أنّ سلامة الصدر راحة في الدنيا وغنيمة في الآخرة، وأنّ السّبق يوم القيامة يكون بأعمال القلوب قبل أعمال الجوارح.

شارك المقال


اقرأ على الموقع الرسمي

شاهد سلامة الص در راحة في الدنيا

كانت هذه تفاصيل سلامة الصّدر: راحة في الدنيا وغنيمة في الآخرة نتمنى بان نكون قد وفقنا بإعطائك التفاصيل والمعلومات الكامله .

و تَجْدَرُ الأشارة بأن المقال الأصلي قد تم نشرة ومتواجد على الشروق أونلاين ونحيطكم علما بان قام فريق التحرير في نبض الجديد بالتاكد منه وربما تم التعديل فيه وربما قد يكون تم النقل بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر او المقال من مصدره الاساسي.

تابع نبض الجديد على :
اخبار عربية اليوم
منذ 3 ساعة و 5 دقيقة