كتب الشروق أونلاين إنّ في ذاكرتنا فصل الخطاب..اخبار عربية عبر موقع نبض الجديد - شاهد الرأي إنّ في ذاكرتنا فصل الخطابعبد الرزاق قسوم2025 04 2340ليتنا ننسى! ولكن كيف ننسى وهناك أنهار من الدماء تفصل بيننا وبين فرنسا، من نهر “السين” la seine ، إلى حمّام... , نشر في الأربعاء 2025/04/23 الساعة 10:42 م بتوقيت مكة المكرمة التفاصيل ومشاهدتها الان .
الرأي
إنّ في ذاكرتنا فصل الخطاب
عبد الرزاق قسوم
2025/04/23
4
0
ليتنا ننسى! ولكن كيف ننسى وهناك أنهار من الدماء تفصل بيننا وبين فرنسا، من نهر “السين” «la seine»، إلى حمّام الصالحين، وفيض من الدموع من واحات خرّاطة، إلى زاوية شلاطة؟
كيف ننسى اغتيال العلماء، والأدباء، وتعذيب الأبرياء من السجناء، والتنكيل بجثامين الشهداء، وتغييب الأحرار والزعماء؟
وتأبى ذاكرتنا المثقلة بالدماء، والدموع، إلا أن تذكّرنا بما فعله المستعمرون في الربوع، من قمع للجموع، وإحراق للزروع، واقتلاع للأصول والفروع، وكسر للعظام والضلوع.
نستعرض كل هذا اليوم، وقد حمى الوطيس، وجُنَّ جنون الحمقى من الفرنسيس، مما ذكرنا من جديد، بما فعلوه بنا، بواسطة خط شال، وخط موريس.
إن الصفحة لم تطوَ، يا أبناء فرنسا، وبدل أن تلتمسوا منا الأعذار، على ما فعله باسمكم في وطننا شرذمةٌ من الأشرار، الذين جللوا اسم فرنسا بالعار، وسمموا بالحقد والضغينة كل الأفكار.
وواعجبا، لما يفعله دهاقنة الاستعمار من أصحاب اليمين وأصحاب اليسار، من تلويث للذاكرة، بحبائلهم، وأفعالهم الماكرة، بدس عناصر مشبوهة، تمكنت من خداعنا في الأيام الغابرة.
لقد هبت الفصائل الفرنسية على اختلاف إيديولوجياتها للدفاع عن شبح مشبوه، والدوس عن حقوق العلاقات بين الشعوب، معرضين أعلى وأغلى المصالح، لكل ما هو مكروه.
وما أقدم عليه أصحاب اليمين، وأصحاب اليسار من السياسيين، سلوك غير محسوب العواقب، وقد أدى بسياسة فرنسا، إلى الذبذبة، والتسبب في المزيد من المحن والمصائب.
قال قائلٌ آخر، في رده على سؤال أحد الصِّحافيين: لماذا لا تمنحوا الاستقلال للجزائريين وهم يدافعون عن وطنهم، كما كنتم أنتم تدافعون عن وطنكم ضد الألمان؟ فأجابه أن هؤلاء لا يدافعون عن وطنهم فقط، ولكنهم مدفوعون في ذلك بقناعة دينية، والدليل على ذلك أنهم يسمّون أنفسهم المجاهدين، ويكبّرون “الله أكبر” عندما يطلقون رصاصة، ويعتبرون من يسقط قتيلا منهم شهيدا.
لقد انبرى غلاة الفرنسيين، إلى اتخاذ مواقف غير مسؤولة، مطالبين باتخاذ إجراءات مرذولة في حق المهاجرين الأبرياء، الذين ضحوا بعرقهم، وشبابهم، ودمائهم، في سبيل تحرير فرنسا عندما كانت مأزومة، وأوشكت أن تصير مهزومة.
أهكذا يكون رد الجميل، إزاء من يعملون ويبذلون الجهد الثقيل، للدفع بفرنسا، نحو التطور والتقدم، في جميع الميادين، وغير مبالين بما يجابهونه من عقبات وعراقيل؟
كان الأولى بالجزائر حكومة وشعبا، أن تتزود بالحقد، والكراهية، عما لقيه أبناؤها من قمع للإرادات، ومصادرة للممتلكات، واستئصال للقيم والمَلكات، وتشويه للمعالم والهويات.
ولكن الجزائر الشامخة بتاريخها، والمزودة بمعتقد دينها، والعالية بأصالتها وعمق حضارتها، تقف ماجدة بتجاوزها لما فعله المجرمون، موكلة ذلك كله إلى حكم التاريخ، ومحاكمة المؤرخين.
ويأبى المتطرفون الفرنسيون، إلا أن يذكّرونا بما فعلوه، وأن يفكّرونا بما اقترفوه، فيبادروننا بالعدوان، خالين من الحجاج، ويرموننا بالحجارة وبيوتهم من زجاج، ألا ساء ما يفعلون.
كنا نظن –وبعض الظن إثم- أن العداء بيننا وبين فرنسا، عداء أسبابه المصالح المادية، وحرمانهم من الغطرسة الاستعمارية، وإصرارهم على التحكم في مصائرنا الوطنية، ولكن تبين لنا أن القضية أعمق وأدق.
العداء المستحكم في ذهنية الفرنسيين يعود إلى القناعات العقدية، وتحكمه رواسب حضارية، وتمليه نزعة عنصرية فوقية، مَرَضية.
أليس فيهم من قال ذات يوم، وهو في موقع المسؤولية العليا: “لن أدع الهلال يتغلب على الصليب”؟
وقال قائلٌ آخر، في رده على سؤال أحد الصِّحافيين: لماذا لا تمنحوا الاستقلال للجزائريين وهم يدافعون عن وطنهم، كما كنتم أنتم تدافعون عن وطنكم ضد الألمان؟ فأجابه أن هؤلاء لا يدافعون عن وطنهم فقط، ولكنهم مدفوعون في ذلك بقناعة دينية، والدليل على ذلك أنهم يسمّون أنفسهم المجاهدين، ويكبّرون “الله أكبر” عندما يطلقون رصاصة، ويعتبرون من يسقط قتيلا منهم شهيدا.
وقال كبيرهم، الجنرال دوغول، عندما روجع في قضية تخليه عن سياسة الاندماج: إن إدماج الجزائريين، وهم مسلمون، سيؤدي إلى نشر الإسلام في كامل ربوع فرنسا، ولا أحب أن تتحول مدينة مسقط رأسي “كولومبي ذات الكنيستين” إلى “كولولمبي ذات المسجدين”.
هكذا إذن، كانت فرنسا ولا تزال، تخاف من الإسلام، فتحمل الحقد ضده، وتتخذ كل الإجراءات ضد معتنقيه، من مواطنيها، فهي تمنع عنهم الحجاب، وهو عنوان إسلامهم، وتحارب مساجدهم، وتنكّل بأئمة دينهم، وتضيّق على مدارسهم القرآنية، وكل ذلك باسم اللائكية المظلومة، التي تفصل الدين عن الدولة.
إن هذه التناقضات التي تستبد بسياسة فرنسا، إزاء الجزائر، هي التي تحول دون إيجاد الدفء في العلاقات معها.
وحتى لو أقدم بعض الواقعيين من الفرنسيين –على أقليتهم- على محاولة إزالة بعض التوتر، وبعث القليل من الدفء في العلاقات الجزائرية الفرنسية، فإن الغلاة سيتصدّون لهذه المحاولة، لإبقاء التوتر قائما، والحيلولة دون أي تقارب، وفي ذلك إلحاق كل الضرر بالمصالح الفرنسية أولا، وبالمغتربين الجزائريين في فرنسا ثانيا، وبدبلوماسية البلدين ثالثا.
فيا أيها الفرنسيون على اختلاف قناعاتكم وانتماءاتكم: تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم، وهي الاحتكام إلى الذاكرة الوطنية التي تسجنونها، وتحولون بعد تخليصها من ربقتكم، وفيها الحكم الفيصل بيننا وبينكم، وفيها فصل الخطاب.
ولا تزال الفرصة سانحة، ولا تزال يد الجزائر ممدودة، لتجاوز الماضي المثقَل بالدماء والدموع، والملبَّد بالذكريات الأليمة.
هلا عدتم إلى جادة الصواب، وفتحتم ما أغلقتموه من أبواب، وابتعدتم عن سياسة الخراب؟.
إن في ذاكرتنا فصل الخطاب، وخير لكم أن تقلعوا عن كل ما يقود إلى الاضطراب، ويفتح أمامنا آفاق البناء، والتشييد.
فهل نجد لديكم
شاهد إن في ذاكرتنا فصل الخطاب
كانت هذه تفاصيل إنّ في ذاكرتنا فصل الخطاب نتمنى بان نكون قد وفقنا بإعطائك التفاصيل والمعلومات الكامله .
و تَجْدَرُ الأشارة بأن المقال الأصلي قد تم نشرة ومتواجد على الشروق أونلاين ونحيطكم علما بان قام فريق التحرير في نبض الجديد بالتاكد منه وربما تم التعديل فيه وربما قد يكون تم النقل بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر او المقال من مصدره الاساسي.