بواسطة نبض مصر : في السبت 2025/03/15 الساعة 02:04 م بتوقيت مكة المكرمة شاهد منوعات الحلقة الثالثة: ابن تيمية.. فقيه واجه الطلاق الشفهي , نشأ في بيئة علمية متميزة، فكان منذ صغره شغوفًا بالمعرفة، قوي الحافظة، سريع الفهم والاستيعاب، لم ينشغل بما ينشغل به أقرانه من لهو ولعب، بل كان منصرفًا إلى طلب العلم،... والان الى المزيد من نبض الجديد.
نشأ في بيئة علمية متميزة، فكان منذ صغره شغوفًا بالمعرفة، قوي الحافظة، سريع الفهم والاستيعاب، لم ينشغل بما ينشغل به أقرانه من لهو ولعب، بل كان منصرفًا إلى طلب العلم، يقضي وقته في القراءة والبحث، لا يترك مسألة إلا وقد أحكم فهمها المصدر:صوت الأمةالحلقة الثالثة: ابن تيمية.. فقيه واجه الطلاق الشفهيشيخ الإسلام جمع بين وجهين: عالم موسوعي متبحر في العلوم الدينية وقائد سياسي أفتى بأن الحلف بالطلاق أو تعليقه دون نية إيقاعه لا يُعتبر طلاقًا ويترتب عليه كفارة يمين عند الحنثدافع عن قضايا المسلمين بالسيف والقلم ووقف في وجه التتار عندما اجتاحوا وتصدى للبدع والانحرافات الفكرية التي رآها تخالف أصول الدينمات تاركًا علمًا تجاوزت مؤلفاته 300 عنوان شملت رسائل مختصرة ومتونًا مركزة وكتبًا ضخمة متعددة المجلدات
إنه تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن تيمية، أو المعروف بيننا بـ"أبن تيمية"، الذى امتاز بجرأته في الطرح، فلم يكن مقلدًا بل مجتهدًا، يخوض المناظرات بقوة الحجة وسعة الاطلاع. لم يتوقف عند حدود المألوف، بل سعى إلى إعادة النظر في كثير من المسائل التي تداولها العلماء من قبله، مما جعله مرجعًا في علوم النقل والعقل، كان رأيه في الطلاق الشفهي أحد اجتهاداته البارزة، حيث ذهب إلى أن الحلف بالطلاق أو تعليقه دون نية إيقاعه لا يُعتبر طلاقًا، وإنما يترتب عليه كفارة يمين عند الحنث، ولم يكن علمه نظريًا فحسب، بل تجاوزه إلى التطبيق العملي، فكان يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، لا يخشى في ذلك لومًا ولا عداءً.
ورغم ما لقيه من تحديات، بقي عالمًا مؤثرًا في زمانه، تجمع حوله طلاب العلم ينهلون من معارفه، ويقتبسون من قوة منطقه وصلابة رأيه، ترك أثرًا امتد عبر الأجيال، إذ ظل فكره حاضرًا في الدراسات الشرعية والفكرية، يُستشهد به في المناظرات ويُستند إليه في الأحكام، وكان مثالًا للعالم الذي لا يقتصر على التدريس والتأليف، بل يتجاوز ذلك ليكون مصلحًا ومجددًا، تتردد كلماته في أرجاء العالم الإسلامي.
من هو شيخ الإسلام ابن تيمية؟ جاء إلى الدنيا في لحظة حافلة بالاضطراب السياسي، حيث ولِد تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن تيمية يوم العاشر من ربيع الأول سنة 661هـ/1263م في مدينة حرّان، الواقعة اليوم جنوب تركيا.. لم ينعم طويلًا بطفولة مستقرة، إذ اضطرت أسرته للنزوح إلى الشام سنة 667هـ، هربًا من زحف التتار الذين اجتاحوا ديارهم وسلبوا الأمن والاستقرار من أهلها، ولم يكن هذا الرحيل مجرد انتقال مكاني، بل كان بداية رحلة فكرية وعلمية عظيمة ستصوغ ملامح شخصية من أعظم علماء الإسلام.
أما والدته ست النعم بنت عبد الرحمن الحرانية، فقد كان لها أثر بالغ في توجيهه نحو طلب العلم، وأظهرت عطفًا واهتمامًا تركا أثرهما العميق في نفسه، فظل يكاتبها برسائل حانية حينما أبعد عن وطنه إلى مصر بين عامي 705 و712هـ.
وحمل لقب "ابن تيمية" نسبة إلى جده الأعلى محمد بن الخضر، ويروي المؤرخون أن هذا الجد كان في طريقه إلى الحج حين رأى طفلة صغيرة في تيماء، فلما عاد إلى بلاده وجد زوجته قد وضعت بنتًا، فناداها قائلًا: "يا تيمية، يا تيمية!"، فصار هذا اللقب عَلَمًا على ذريته، ولم يكن هذا الاسم مجرد لقب وراثي، بل أصبح رمزًا لشخصية استثنائية، لم تقتصر على الحفظ والفقه، بل تميزت بالاجتهاد والتجديد والمواقف الصلبة، لتصنع من حاملها أحد أكثر العلماء تأثيرًا في التاريخ الإسلامي.
كيف تشكل فكر ابن تيمية؟أثرت نشأة ابن تيمية في دمشق، التي وصفها محمد أبو زهرة بأنها "معدن العلماء وعشّهم"، تأثيرًا بالغًا في تكوينه العلمي، احتوت المدينة على مدارس فقهية للحنفية والشافعية والحنابلة، كما ضمت أكابر علماء العصر السابقين له، مثل العز بن عبد السلام، والنووي، وابن دقيق العيد، مما خلق بيئة علمية ثرية سمحت له بالاطلاع على الفقه المقارن وإنتاجه الموسوعي، كما شهدت دمشق مجالس علمية في الحديث والعقائد والمنطق والفلسفة، مما وفر لابن تيمية مناخًا مثاليًا لصقل ذكائه وشغفه العلمي.
ساعدته هذه العوامل، إلى جانب ملازمة والده، على تحقيق ما يصبو إليه طلاب العلم، فقرأ القرآن صغيرًا ودرس دواوين الحديث الكبرى، مثل مسند أحمد وصحيحي البخاري ومسلم، يُروى أنه حفظ كتاب "الجمع بين الصحيحين" للحُميدي قبل بلوغه الحلم، وبحكم انتماء أسرته إلى المذهب الحنبلي، تعمق في فقه أحمد بن حنبل دراسةً وتدريسًا، لكنه لم يحصر اهتمامه في ذلك، بل خاض في علوم اللغة، حتى خالف بعض آراء سيبويه، كما كتب في نقد المنطق والفلسفة، وترك نتاجًا علميًا زاخرًا في هذا المجال، ككتابه "نقض المنطق" و"الرد على المنطقيين.
امتدت حياته العلمية إلى ميادين السياسة والمجتمع، فكان كثير من كتبه ورسائله استجابةً لقضايا عصره، مما جعله عرضة للمحن، سواء بسبب آرائه في العقيدة أو مواقفه السياسية، وحين غزا التتار الشام عام 699هـ، فرّ الكثير من أعيان دمشق إلى مصر، بينما بقي ابن تيمية مع نفر قليل من أصحابه يسعون لضبط الأمور، في موقف جسّد نظرته إلى العلم بأنه ليس انعزالًا عن الواقع، بل مشاركة في بنائه والدفاع عنه.
ابن تيمية: شيخ ذو وجهينجمع ابن تيمية بين وجهين متكاملين في حياته، أحدهما عالم موسوعي متبحر في العلوم الدينية، والآخر قائد سياسي لم يتردد في مواجهة الحكام والخصوم السياسيين، فكان حاضراً في ساحات الفقه والمعرفة كما في ميادين الصراع والمواجهة.
لكن الوجه الآخر لابن تيمية برز بوضوح عند اشتداد الأزمات السياسية، فعندما اجتاح التتار الشام عام 699هـ، لم يفرّ كما فعل كثير من أعيان دمشق، بل قاد وفداً لمفاوضة قائد التتار، وتمكن من إقناعه بعدم دخول المدينة، ولم يكتف بذلك، بل دعا إلى الجهاد، واستطاع حشد السلاطين والعامة لمواجهة التتار في معركة "شقحب" عام 702هـ، حيث قاتل بنفسه في الصفوف الأمامية، ما جعله رمزاً للمقاومة ومرجعية سياسية نافذة. وكان لهذه الحادثة أثر كبير في تعظيم ابن تيمية في نفوس الناس، فصار الملك غير المتوج، والمستشار المؤتمن والمرجع الموثوق للحكام والمحكومين.
لم تكن هذه الاعتقالات نهاية المطاف، إذ واصل معارضوه ملاحقته حتى سجنه للمرة الأخيرة عام 726هـ، حيث منعوه من الكتابة والقراءة، إلى أن توفي في سجن القلعة بدمشق عام 728هـ، بهذه النهاية، اختتم ابن تيمية حياته الحافلة بصراع لم يفصل فيه بين العلم والسياسة، بل دمجهما ليكون عالماً ذا نفوذ سياسي، وسياسياً يستمد قوته من العلم والدين.
وبعد عودته إلى دمشق، عاد إلى الإفتاء والتدريس والبحث، فقاده نظره إلى فتوى كانت سببا لتعرضه للمحنة مرة أخرى على يد مخالفيه، وكان قد أفتى بأن الحلف بالطلاق لا يقع به طلاق، وأنه يختلف عن تعليق الطلاق الذي قصد به وقوع الطلاق عند وقوع الأمر المعلق عليه.
محنة الطلاق الشفهيوقعت المحنة الثالثة لابن تيمية عام 719، وتمثّلت في فتواه الشهيرة حول الطلاق الثلاث، التي تكشف مدى استقلاليته الفكرية وانخراطه في قضايا مجتمعه، وسعيه لاجتراح حلول من خلال اجتهادات أثارت جدلاً واسعًا، ففي ذلك العصر، تفشّى الطلاق بين الناس حتى تفرّقت أسر كاملة نتيجة التعسّف في الحلف بالطلاق، إذ أصبح شائعًا كالقسم بالله، مما أفضى إلى خروج الناس عن الطلاق الشرعي إلى الطلاق البدعي، فاستُغل هذا الواقع في ظلم النساء لمجرد التلفّظ بالطلاق الثلاث.
واستند ابن تيمية في فتواه إلى نصوص قرآنية، مثل قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ...﴾ (الطلاق: 1-3)، وبيّن أن الآية تتحدّث عن الطلاق الرجعي، حيث يمكن للزوج مراجعة زوجته، أما الطلاق الثلاث فلا يترك مجالًا لذلك، مما يجعله غير مشروع. كما استدل بقول الله تعالى: ﴿الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ﴾ (البقرة: 229)، موضحًا أن المقصود به إيقاع الطلاق على مراحل، وليس دفعة واحدة.
وأثارت فتواه اعتراض الفقهاء والقضاة، فعُقد له مجلس خاص تقرّر فيه منعه من الفتوى، لكن فتاواه انتشرت عبر تلاميذه. ثم اجتمع به القاضي شمس الدين الحنبلي، وأشار عليه بالتوقف عن الإفتاء في المسألة، فوافق مؤقتًا، وبعد أيام، صدر أمر سلطاني بمنعه من الفتوى في الحلف بالطلاق، وعقد مجلس آخر أكّد هذا القرار، غير أن ابن تيمية استمر في فتواه قائلًا: "لا يسعني كتمان العلم".
ومات ابن تيمية تاركًا علمًا تجاوزت مؤلفاته نحو 300 عنوان، شملت رسائل مختصرة ومتونًا مركزة وكتبًا ضخمة متعددة المجلدات، فكان من أوائل مؤلفاته المؤثرة كتاب "الصارم المسلول على شاتم الرسول"، الذي ألفه في دمشق سنة 693هـ، عقب حادثة تضمنت سماح أحد أصحاب النفوذ بشتم النبي صلى الله عليه وسلم، كذلك كتب في هذه الفترة "الرسالة الحموية الكبرى" حول مسألة الصفات، و"العقيدة الواسطية"، بالإضافة إلى "الفتاوى المصرية" التي صنفها خلال إقامته في مصر بعد عام 705هـ، و"الشرح على العقيدة الأصفهانية"، و"الرد على المنطقيين"، و"السياسة الشرعية في إصلاح الراعي والرعية".
ومن بين أهم كتبه وأضخمها "الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح"، الذي يقع في سبعة مجلدات، و"منهاج السنة" في تسعة مجلدات، و"درء تعارض العقل والنقل" في أحد عشر مجلدًا، أما كتابه الشهير "مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية"، فلم يكن من تصنيفه مباشرة، بل قام بجمعه وترتيبه عبد الرحمن بن محمد بن قاسم العاصمي (ت: 1392هـ)، أحد مشايخ نجد، حيث جمع الفتاوى والرسائل التي كتبها ابن تيمية، وطبع الكتاب في سبعة وثلاثين مجلدًا، متضمنًا بعض كتبه التي أُصدرت منفصلة. وتميزت مصنفات ابن تيمية بالوضوح وكثرة الاستشهاد بالقرآن الكريم والحديث النبوي وأقوال الصحابة والتابعين. كما أنها اتسمت بالاستطراد الواسع، إذ كان ينتقل عند مناقشة القضايا العقدية إلى شروحات تفصيلية لأحاديث نبوية، ثم يتطرق إلى مسائل أصولية، قبل أن يعود إلى الموضوع الأساسي. ومن أبرز مؤلفاته الأخرى: (الاستقامة، اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم، وبيان تلبيس الجهمية، والصفدية، ومنهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية، والنبوات).
شاهد الحلقة الثالثة ابن تيمية فقيه
كانت هذه تفاصيل الحلقة الثالثة: ابن تيمية.. فقيه واجه الطلاق الشفهي نتمنى بان نكون قد وفقنا بإعطائك التفاصيل والمعلومات الكامله .
و تَجْدَرُ الأشارة بأن المقال الأصلي قد تم نشرة ومتواجد على صوت الأمة ونحيطكم علما بان قام فريق التحرير في نبض الجديد بالتاكد منه وربما تم التعديل فيه وربما قد يكون تم النقل بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر او المقال من مصدره الاساسي.