كتب الشروق أونلاين الحلقة العشرون: التراث والكسروية!..اخبار عربية عبر موقع نبض الجديد - شاهد الرأي القرآن والحداثةالحلقة العشرون التراث والكسروية!علي حليتيم2025 03 2270نحن حين نفرق بين الوحي والتراث، بين القرآن والسنة كوحي، وبين الاجتهاد البشري الإسلامي الذي... , نشر في السبت 2025/03/22 الساعة 06:03 م بتوقيت مكة المكرمة التفاصيل ومشاهدتها الان .
الرأي
القرآن والحداثة
الحلقة العشرون: التراث والكسروية!
علي حليتيم
2025/03/22
7
0
نحن حين نفرق بين الوحي والتراث، بين القرآن والسنة كوحي، وبين الاجتهاد البشري الإسلامي الذي نسميه التراث بمعناه الواسع: الديني واللغوي والأدبي والفني والثقافي (المادي وغير المادي) والتاريخ والجغرافيا والعلوم… وغيره كثير؛ حين نفرق بين الوحي والتراث، فإن ذلك لا يعني أن نسلّم للحداثة العربية أن تنتقد التراث كما شاءت.
صحيح أن هذا التراث منتوج بشري لا يملك قداسة الوحي، ولكنه يملك سمو الغاية وشرف الانتماء وعمق التاريخ وأصالة الهوية وجلالة العلم وبذاخة العطاء. نحن نعتز بالتراث ولا يمكن أن نفرط فيه أو أن نسلمه لمعتوهين يهدرونه ليستفردوا بالوحي. فبينما يفخر الغرب بكل خزعبلاته ويبيض وجه منتجه الثقافي ويضخمه مهما كان صغيرا ويبيضه مهما كان أسود ويبرزه مهما كان خفيا مستترا، نستحل نحن تراثنا بالإزهاق والتصغير والإهدار والسخرية!
لقد مارس المسلمون نقد تراثهم منذ القِدم، بل منذ عصر النبوة، وكان هذا النقد جزءا من تراثنا وسر ثرائه وليس للعلماء عقدة في ذلك. لكننا نرفض النقد الذي الغرض منه الإهدار والتسطيح والتجني والإلغاء والتحقير. إن الهزيمة النفسية معدية، وليس لهؤلاء الذين يريدون أن يجلدوا تراثنا من غاية سوى زرع أسباب الهزيمة في أمتنا. إن الفرنسيين يسخرون من مواطنهم الذي يفخر بثقافة الإنجليز أو الأمريكان، ويعدونه خائنا رغم أن الثقافتين تنتميان إلى دائرة واحدة، والعكس صحيح بالنسبة للإنجليز والألمان وسائر الأمم. بينما نحن يُستنكر علينا أن نستنكر على من يريد أن يصغّر أمجادنا الثقافية ويعوضها بثقافة هي جسر احتلال واستعمار تريد أن تهدم هويتنا وشخصيتنا وتريد أن تكون معبرا للاحتلال الثقافي والاقتصادي والسياسي. التراث الأوروبي ثقافة وضعها الرجل الأبيض للرجل الأبيض ولا يروقه أن يعتنقها غيرهم من الأمم إلا في إطار التبعية والتغريب الذي هو أداة من أدوات النيوكولونيالية. والحداثيون العرب يدركون كل هذا. لكن الأيديولوجيا تمنعهم من تصحيح المسيرة، وبغضهم لأمتهم ولتاريخهم غلب شعورهم بالذل والصغار حين ينخرطون في التبعية للآخر.
واعجب معي من التسطيحية العبثية التي ينظر بها الدكتور شحرور إلى أحاديث الطاعة، أي الطاعة السياسية لولي الأمر اتباعا للمستشرقين الذين يرون أن الطاعة السياسية في الأحاديث النبوية وافدة كلها من التراث الفارسي، لأن التراث الفارسي هو الذي يكرس الكسروية، أي الطاعة الشاملة العمياء لكسرى الذي يملك الأجساد والأرواح.
والأمر ليس كذلك أبدا! الطاعة السياسية في الإسلام منهج وسط بين الكسروية التي هي الطاعة العمياء والفوضى والتمرد على الحكام، فالمناهج السياسية ثلاثة: إما فوضوية وتمرد، وإما ملكية مطلقة، وإما نظام سياسي يقوم على طاعة الحاكم ما أطاع الله وما أمر بالمعروف، وهو النظام السياسي الذي يستخلص من مجمل الأحاديث النبوية والآيات القرآنية كما نص عليه العلماء في كتب الفقه السياسي. وبهذا لم ينظر الحداثويون الذين يدعون الإسلام بإيجابية إلى تراثهم الإسلامي، ومارسوا العضينية -كما يحلو لبعضهم أن يقول- أو الطعنة الغبية في التراث اتباعا للطعن الذكي الخبيث للمستشرقين!
ولنا أن نتساءل في نهاية هذا المقام من هو المعاصر؟ هل علماء الإسلام الذين استخرجوا نظرية سياسية كاملة من مجموع الآيات والأحاديث النبوية تتوافق -بل تفوق- النظريات السياسية المعاصرة، أم هؤلاء الحداثيون الذين ينكبون على حديث واحد ثم يرمون الوحي بالكسروية ويمارسون قراءات ماضوية بعيدة عن البحث والاستقصاء والجدية؟ لكن الهوى يعمي، والتعصب يصم!
شارك المقال
شاهد الحلقة العشرون التراث والكسروية
كانت هذه تفاصيل الحلقة العشرون: التراث والكسروية! نتمنى بان نكون قد وفقنا بإعطائك التفاصيل والمعلومات الكامله .
و تَجْدَرُ الأشارة بأن المقال الأصلي قد تم نشرة ومتواجد على الشروق أونلاين ونحيطكم علما بان قام فريق التحرير في نبض الجديد بالتاكد منه وربما تم التعديل فيه وربما قد يكون تم النقل بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر او المقال من مصدره الاساسي.