كتب جريدة الاتحاد مِن رَوَائِعِ أَبِي الطَّيِّب (43)..اخبار عربية عبر موقع نبض الجديد - شاهد وَكَمَا بَيَّنَّا فِي حَلَقَاتٍ مَاضِيَةٍ أَنَّ إِرْسَالَ الْمَثَلِ فِي أَنْصَافِ الْأَبْيَاتِ، يُعْتَبَرُ مِنْ مَزَايَا شِعْرِ أَبِي الطَّيِّبِ، نَسْتَكْمِلُ فِي هَذِهِ الْحَلْقَةِ عَرْضَ أَعْجَازِ أَبْيَاتٍ لِلْمُتَنَبِّي، سَارَتْ أَمْثَالاً.... , نشر في الثلاثاء 2025/04/15 الساعة 10:18 م بتوقيت مكة المكرمة التفاصيل ومشاهدتها الان .
وَكَمَا بَيَّنَّا فِي حَلَقَاتٍ مَاضِيَةٍ أَنَّ إِرْسَالَ الْمَثَلِ فِي أَنْصَافِ الْأَبْيَاتِ، يُعْتَبَرُ مِنْ مَزَايَا شِعْرِ أَبِي الطَّيِّبِ، نَسْتَكْمِلُ فِي هَذِهِ الْحَلْقَةِ عَرْضَ أَعْجَازِ أَبْيَاتٍ لِلْمُتَنَبِّي، سَارَتْ أَمْثَالاً.
(125) وَلَا يَرُدُّ عَلَيْكَ الْفَائِتَ الْحَزَنُ
الْفَائِتُ: الذَّاهِبُ، الَّذِي مَضَى وَانْقَضَى. الْمَرْءُ يَحْزَنُ عَلَى ذَهَابِ مَا يُحِبُّ، لَكِنَّ الْمُتَنَبِّي يَقُولُ لِقَارِئِ شِعْرِهِ، نَاصِحاً بِحِكْمَةٍ ظَاهِرَةٍ فِي هَذَا الْعَجُزِ مِنَ الْبَيْتِ: إِنَّ حُزْنَكَ عَلَى (الْفَائِتِ)، أَيْ الَّذِي مَضَى وَذَهَبَ، وَصَارَ أَثَراً بَعْدَ عَيْنٍ، لَا يُعِيدُهُ إِلَيْكَ. إِذَا عَلِمْتَ وَتَيَقَّنْتَ عَدَمَ جَدْوَى الْحُزْنِ، فَمِنَ الْعَقْلِ أَنْ تُقِلَّ مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتَ، فَالْحُزْنُ لَا يُخَلِّفُ لِلْمَحْزُونِ إِلَّا الْأَلَمَ وَالْغُصَصَ وَالْحَسَرَاتِ، فَمَنْ اسْتَطَاعَ تَرْكَهُ، فَهُوَ الْحَصِيفُ الْكَاسِبُ. وَهَكَذَا أَدَّبَ اللَّهُ تَعَالَى الْمُؤْمِنِينَ، بِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: ﴿لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ﴾، بَعْدَ أَنْ أَخْبَرَهُمْ جَلَّ وَعَلَا فِي كِتَابِهِ بِأَنَّهُ: ﴿مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ﴾. وَلِأَوْسِ بْنِ حَجَرٍ، مَطْلَعُ مَرْثِيَّةٍ، اعْتُبِرَ أَحْسَنَ بَيْتٍ افْتُتِحَتْ بِهِ مَرْثِيَّةٌ، وَذَٰلِكَ بِقَوْلِهِ مُخَاطِباً نَفْسَهُ: أَيَّتُهَا النَّفْسُ أَجْمِلِي جَزَعاً إِنَّ الَّذِي تَحْذَرِينَ قَدْ وَقَعَا
يَأْمُرُ نَفْسَهُ بِالتَّوَقُّفِ فَوْراً عَنِ الْجَزَعِ، وَهُوَ خِلَافُ الصَّبْرِ، لِأَنَّ الْمَحْذُورَ وَقَعَ، وَالْجَزَعُ لَا يَرُدُّ غَائِباً.
وَالْعَرَبُ تَقُولُ: الْحَذَرُ أَشَدُّ مِنَ الْوَقِيعَةِ. وَإِنَّمَا حَقُّ الشَّيْءِ الْمُتَخَوَّفِ، أَنْ يَكُونَ صَاحِبُهُ مُرْتَاعاً حَذَرَ وُقُوعِهِ، فَإِذَا وَقَعَ الْبَأْسُ ارْتَفَعَ ذَٰلِكَ الْحَذَرُ. وَمِنْ ذَٰلِكَ قَوْلُ أَهْلِ الصَّلَاحِ: إِذَا اسْتَأْثَرَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بِشَيْءٍ فَالْهَ عَنْهُ. (فَالْهَ عَنْهُ): أَمْرٌ بِإِلْهَاءِ النَّفْسِ عَنِ الْأَمْرِ الَّذِي صَارَ فِي يَدِ اللهِ وَحْدَهُ، وَذَٰلِكَ بِالِانْشِغَالِ بِغَيْرِهِ... فَإِنَّ الْحُزْنَ عَلَى الْغَائِبِ الذَّاهِبِ لَا يُعِيدُهُ وَلَا يَرُدُّهُ. وَقِيلَ لِلْحَكِيمِ الْفَارِسِيِّ بَزَرْجَمْهَر: أَيُّهَا الْحَكِيمُ، مَا لَكَ لَا تَحْزَنُ عَلَى مَا فَاتَ؟! فَقَالَ: لِأَنَّ الْفَائِتَ لَا يُتَلَافَى بِالْعَبْرَةِ.
يَقُولُ ابْنُ الْمُقَفَّعِ:
لَقَدْ جَرَّ نَفْعاً فَقْدُنَا لَكَ أَنَّنَا أَمِنَّا عَلَى كُلِّ الرَّزَايَا مِنَ الْجَزَعْ
وَفِي الْبَابِ، قَوْلُ أَبِي نُوَاس: وَكُنْتُ عَلَيْهِ أَحْذَرُ الْمَوْتَ وَحْدَهُ فَلَمْ يَبْقَ لِي شَيْءٌ عَلَيْهِ أُحَاذِرُ
وَكَانَ الْمُتَنَبِّي، أَشَارَ إِلَى الْمَعْنَى ذَاتِهِ، بِقَوْلِهِ: فَصِرْتُ إِذَا أَصَابَتْنِي سِهَامٌ تَكَسَّرَتِ النِّصَالُ عَلَى النِّصَالِ وَهَانَ فَمَا أُبَالِي بِالرَّزَايَا لِأَنِّي مَا انْتَفَعْتُ بِأَنْ أُبَالِي
يَقُولُ: إِنَّ رَمْيَ الدَّهْرِ لِي بِالْمَصَائِبِ سِهَاماً تَتَكَسَّرُ بَعْضُهَا عَلَى الْبَعْضِ، أَصْبَحَ عَلَيَّ هَيِّناً سَهْلاً، فَمَا عُدْتُ أُبَالِي بِالرَّزَايَا: أَيْ مَا عُدْتُ أَجْزَعُ لِلْمَصَائِبِ، وَكُنْتُ جَرَّبْتُ أَنْ أَهْتَمَّ بِهَا، فَمَا نَفَعَنِي الِاهْتِمَامُ، فَلَنْ أَفْعَلَ مَا لَا يَنْفَعُ، وَلَنْ أَهْتَمَّ بِمُصِيبَةٍ بِحُزْنِي عَلَيْهَا، لِعَدَمِ جَدْوَى ذَٰلِكَ. إِنَّ مَا لَا تَسْتَطِيعُ تَغْيِيرَهُ، يَجِبُ أَلَّا تَحْزَنَ عَلَيْهِ.
(126) إِذَا عَنَّ بَحْرٌ لَمْ يَجُزْ لِيَ التَّيَمُّمُ
عَنَّ: أَيْ ظَهَرَ، وَبَدَا وَبَانَ. يُقَالُ: عَنَّتْ لَهُ حَاجَةٌ، إِذَا ظَهَرَتْ وَعَرَضَتْ لَهُ. التَّيَمُّمُ: هُوَ الطَّهَارَةُ لِلصَّلَاةِ، بَدِيلاً عَنِ الْوُضُوءِ بِالْمَاءِ، لِلْمَرِيضِ وَلِمَنْ لَمْ يَجِدِ الْمَاءَ، وَالتَّيَمُّمُ: التَّوَضُّؤُ بِالتُّرَابِ. قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا﴾، أَيْ: اقْصِدُوا لِصَعِيدٍ طَيِّبٍ، ثُمَّ كَثُرَ اسْتِعْمَالُهُمْ لِهٰذِهِ الْكَلِمَةِ، حَتَّى صَارَ التَّيَمُّمُ: مَسْحَ الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ بِالتُّرَابِ. وَقَوْلُ الشَّاعِرِ: إِذَا عَنَّ بَحْرٌ لَمْ يَجُزْ لِيَ التَّيَمُّمُ... يَتَطَابَقُ مَعَ قَاعِدَةٍ فِقْهِيَّةٍ، تَقُولُ: «إِذَا حَضَرَ الْمَاءُ بَطَلَ التَّيَمُّمُ». فَالتَّيَمُّمُ رُخْصَةٌ لَا تَصِحُّ إِلَّا بِغِيَابِ الْمَاءِ، فَإِذَا تَوَفَّرَ الْمَاءُ انْتَفَتِ الرُّخْصَةُ، وَحَرُمَ اسْتِخْدَامُهَا. وَيُلْفَتُ فِي الْبَابِ إِلَى قَوْلِ أَبِي تَمَّامٍ: لَبِسْتُ سِوَاهُ أَقْوَاماً فَكَانُوا كَمَا أَغْنَى التَّيَمُّمُ بِالصَّعِيدِ
(127) وَفِي التَّجَارِبِ بَعْدَ الْغَيِّ مَا يَزَعُ
التَّجَارِبُ: جَمْعُ تَجْرِبَةٍ. قِيلَ: إِنَّ أَصْلَهَا مِنْ إِصَابَةِ الْإِبِلِ بِالْجَرَبِ، فَإِنَّ ذَٰلِكَ يُجْعِلُ صَاحِبَهَا يَعْرِفُ كَيْفَ يُدَاوِيهَا. وَقَوْلُهُمْ: جَرَّبَ الْأُمُورَ، أَيْ مَرَّتْ عَلَيْهِ، وَعَايَشَهَا، فَتَعَلَّمَ مِمَّا مَرَّ بِهِ، مَا يَحْتَاجُ مِنَ الْأَفْعَالِ وَالْمُدَارَاةِ. الْغَيُّ: الضَّلَالُ وَالْفَسَادُ. يَزَعُ: أَيْ يَكُفُّ وَيَتْرُكُ. أَيْ: إِنَّ خَوْضَ التَّجَارِبِ يُجْعِلُ الْمَرْءَ يَتْرُكُ الْغَيَّ وَيَكُفُّ عَنْهُ. وَكَذَلِكَ تَجْرِبَةُ الْإِنْسَانِ لِلنَّاسِ، تَجْعَلُ مَنْ اغْتَرَّ بِهِمْ وَأَحْسَنَ بِهِمُ الظَّنَّ، قَبْلَ تَجْرِبَتِهِمْ، يَعُودُ عَنْ غَوَايَتِهِ بِمَدْحِه
شاهد م ن ر و ائ ع أ ب ي الط ي ب 43
كانت هذه تفاصيل مِن رَوَائِعِ أَبِي الطَّيِّب (43) نتمنى بان نكون قد وفقنا بإعطائك التفاصيل والمعلومات الكامله .
و تَجْدَرُ الأشارة بأن المقال الأصلي قد تم نشرة ومتواجد على جريدة الاتحاد ونحيطكم علما بان قام فريق التحرير في نبض الجديد بالتاكد منه وربما تم التعديل فيه وربما قد يكون تم النقل بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر او المقال من مصدره الاساسي.